الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: أيود أحدكم

                                          [2770] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه، عن الربيع في قوله: أيود أحدكم يقول: أيحب أحدكم أن يعيش في الضلالة والمعاصي، حتى يأتيه الموت فيجيء يوم القيامة قد ضل عنه عمله، أحوج ما كان إليه فيقول: ابن آدم: أتيتني أحوج ما كنت إلى خير قط، فأرني ما قدمت لنفسك.

                                          قوله: أن تكون له جنة من نخيل وأعناب

                                          [2771] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله: أيود أحدكم أن تكون له جنة قال: دنيا لا يعمل فيها بطاعة الله، كمثل الذي له جنات تجري من تحتها الأنهار، فمثله بعد موته كمثل هذا حين احترقت جنته وهو كبير، لا يغني عنها شيئا، وولده صغار، لا يغنون عنه شيئا، كذلك المفرط بعد الموت كل شيء عليه حسرة.

                                          [2772] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلي، حدثني أبي، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس في قوله: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات يقول: صنعه في شبيبته.

                                          [2773] حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن موسى ، أنا هشام بن يوسف ، عن ابن جريج قال: وسمعت عبد الله بن أبي مليكة يحدث عن ابن عباس ، وسمعت أبا بكر بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير قال: قال عمر يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فيم ترون هذه الآية نزلت: أيود أحدكم أن تكون له جنة ؟ قالوا: الله أعلم. فغضب عمر فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عباس : [ ص: 523 ] في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين . فقال عمر : ابن أخي، قل ولا تحتقر نفسك. فقال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل. قال عمر : أي عمل؟ قال ابن عباس : لعمل. قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله، ثم بعث الله له الشيطان، فعمل بالمعاصي، حتى أغرق أعماله.

                                          [2774] حدثنا أبو زرعة ، ثنا صفوان ، ثنا الوليد ، ثنا شعيب بن رزيق ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب قال: هذا مثل لرجل يعمل بالإيمان ويحسن العمل والصدقة والنفقة، حتى إذا كان عند خاتمة عمله، وحضور أجله، أشرك وأصاب كبيرة من الكبائر، فأحبط الله عمله، وهو كافر.

                                          [2775] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط ، عن السدي أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات هذا مثل آخر لنفقة الرياء، أنه ينفق ماله يرائي الناس، فيذهب ماله منه وهو يرائي فلا يأجره الله فيه، فإذا كان يوم القيامة، واحتاج إلى نفقته، وجدها قد أحرقها الرياء، فذهبت كما أنفق هذا الرجل على جنته.

                                          قوله: له فيها من كل الثمرات

                                          [2776] حدثنا محمد بن حماد الطهراني ، أنبأ حفص بن عمر العدني ، ثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة قوله: فيها من كل الثمرات فما في الدنيا من شجرة إلا وهي في الجنة، حتى الحنظل.

                                          قوله: وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء

                                          [2777] حدثني أبي، ثنا علي بن محمد الطنافسي ، ثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، عن ابن عباس وله ذرية ضعفاء قال: مثل ضرب.

                                          [2778] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلي، ثنا أبي، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قال: ضرب الله مثلا حسنا وكل أمثاله حسن قال: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات يقول: صنعه في شبيبته، فأصابه الكبر، وولده وذريته ضعاف، عن [ ص: 524 ] آخر عمره، فجاءه إعصار فيه نار، فاحترق بستانه، فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله ولم يكن عند نسله خير، يعودون به عليه، وكذلك الكافر يوم القيامة إذا رد إلى الله ليس له خير، فيستعتب. كما ليس لهذا قوة فيغرس مثل بستانه، ولا يجده قدم لنفسه خيرا، يعود عليه، كما لم يغن هذا عن ولده، وحرم أجره، عند أفقر ما كان إليه، كما حرم هذا جنة الله عند أفقر ما كان إليه عند كبره وضعف ذريته، وهو مثل ضربه الله للمؤمن والكافر، فيما أوتيا في الدنيا. كيف نجي المؤمن في الآخرة، وذخر له من الكرامة والنعيم، وخزن عنه المال في الدنيا، وبسط للكافر في الدنيا من المال، ما هو منقطع له من الشر ما ليس بمفارقه أبدا، يخلد فيه مهانا، من أجل أنه فخر على صاحبه ووثق بما عنده، ولم يستيقن أنه ملاق ربه.

                                          قوله تعالى: فأصابها إعصار

                                          [2779] حدثني أبي، ثنا قبيصة ، ثنا سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: إعصار قال: ريح.

                                          وروي عن السدي ، والربيع بن أنس ، نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني:

                                          [2780] الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ معمر قال: كان الحسن يقول: فأصابها إعصار يقول: صر، برد.

                                          قوله: فيه نار

                                          [2781] حدثنا أبي ، ثنا قبيصة ، ثنا سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: فيه نار قال: ريح فيها سموم شديدة، وروي عن السدي ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: فاحترقت

                                          [2782] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ معمر ، عن الحسن قوله: فاحترقت قال: فذهبت أحوج ما كان إليها، فذلك يقول: أيود أحدكم أن يذهب عمله، أحوج ما كان إليه.

                                          [ ص: 525 ] والوجه الثاني:

                                          [2783] أخبرنا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إلي، حدثني أبي، ثنا عمي الحسين ، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قوله: فاحترقت قال: فاحترق بستانه.

                                          قوله: كذلك يبين الله لكم الآيات

                                          [2784] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قول الله: كذلك يبين الله لكم الآيات يعني ما ذكر.

                                          قوله: لعلكم تتفكرون

                                          [2785] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، عن الثوري قال: قال مجاهد : لعلكم تتفكرون لعلكم تطيعون.

                                          [2786] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا محمد بن عيسى ، ثنا عمرو بن حمران ، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون هذا مثل ضربه الله فاعقلوا عن الله أمثاله، يقول: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية