الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل : ولا تجب دية الجرح حتى يندمل ، ولا دية سن ، ولا ظفر ، ولا منفعة حتى ييأس من عودها ، ولو قلع سن كبير ، أو ظفر ، ثم نبتت ، أو رده فالتحم ، أو ذهب سمعه ، أو بصره ، أو شمه ، أو ذوقه ، أو عقله ، ثم عاد سقطت ديته ، وإن كان قد أخذها ردها ، وإن عاد ناقصا ، أو عادت السن ، أو الظفر قصيرا ، أو متغيرا فعليه أرش نقصه ، وإن قلع سن صغير ويئس من عودها وجبت ديتها ، وقال القاضي : فيها حكومة ، وعنه : في قلع الظفر إذا نبت على صفته ففيه خمسة دنانير ، وإن نبت أسود ففيه عشرة ، وإن مات المجني عليه وادعى الجاني عود ما أذهبه فأنكره الولي ، فالقول قول الولي ، وإن جنى على سنه اثنان واختلفا ، فالقول قول المجني عليه في قدر ما أتلف كل واحد منهما .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( ولا تجب دية الجرح حتى يندمل ) لأنه لا يدري أقتل هو أم ليس بقتل ؛ فينتظر ليعلم حكمه ، وما الواجب فيه ، ولهذا لا يجوز الاستيفاء في العمد قبل الاندمال ، فكذا في الخطأ ( ولا ) تجب ( دية سن ، ولا ظفر ، ولا منفعة حتى ييأس من عودها ) لأنه مما يحتمل العود ، فلا يجب شيء مع الاحتمال كالشعر ، وإنما يعرف ذلك بقول عدلين من أهل الخبرة : إنها لا تعود أبدا ، لكن إن مات قبله وجبت ( ولو قلع سن كبير ، أو ظفر ، ثم نبتت ، أو رده فالتحم ) لم تجب دية . نص عليه في السن في رواية جعفر بن محمد ، وهو قول أبي بكر ، والظفر في معناه ، وقال القاضي : تجب ديتها ، وعلى الأول فيها حكومة إن نقصت ، أو ضعفت ، وإن قلعها بعد ذلك وجبت ديتها ، وعلى الثاني : نبني حكمها على وجوب قلعها ، فإذا قبل به ، فلا شيء على قالعها ، وإن قلنا بعدمه فاحتمالان ، فإن جعل [ ص: 388 ] مكانها سنا أخرى ، أو عظما فنبت وجبت ديتها وجها واحدا كما لو لم يجعل مكانها شيئا ، وإن قلعت الثانية فحكومة في الأشهر ( أو ذهب سمعه ، أو بصره ، أو شمه ، أو ذوقه ، أو عقله ، ثم عاد سقطت ديته ) لزوال سببها ( وإن كان قد أخذها ردها ) لأنه تبينا أنه أخذها بغير حق ( وإن عاد ناقصا ، أو عادت السن ، أو الظفر قصيرا ، أو متغيرا فعليه أرش نقصه ) خاصة . نص عليه ; لأنه نقص حصل بجنايته كما لو نقصه مع بقائه ( وإن قلع سن صغير ويئس من عودها ) وحد الإياس سنة . نص عليه ; لأنه هو الغالب في نباتها ، وقال القاضي : إذا سقطت أخواتها ، ولم تنبت ( وجبت ديتها ) لأنه أذهبها بجنايته إذهابا مستمرا كسن الكبير ( وقال القاضي : فيها حكومة ) لأن العادة عودها ، فلم تكمل ديتها كالشعر ، والصحيح الأول ; لأن الشعر لو لم يعد وجب ديته مع أن العادة عوده ( وعنه : في قلع الظفر إذا نبت على صفته ففيه خمسة دنانير ، وإن نبت أسود ففيه عشرة ) إذ التقديرات بابها التوقيف ، ولا نعلم فيه توقيفا ، والقياس أنه لا شيء فيه إذا عاد على صفته ، وإن نبت متغيرا ففيه حكومة ; لأن القياس يقتضيها في كل الجروح ، خولف ذلك فيما ورد الشرع بتقديره ، فيبقى ما عداه على مقتضى القياس ( وإن مات المجني عليه وادعى الجاني عود ما أذهبه ) في نقص سمعه وبصره ( فأنكره الولي ، فالقول قول الولي ) لأن الأصل عدم العود ( وإن جنى على سنه اثنان واختلفا ، فالقول قول المجني عليه في قدر ما أتلف كل واحد منهما ) لأن ذلك لا يعرف إلا من جهته ، أشبه ما لو ادعى نقص سمعه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية