الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار ( 22 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : والذين صبروا على الوفاء بعهد الله ، وترك نقض الميثاق وصلة الرحم ( ابتغاء وجه ربهم ) ، ويعني بقوله : ( ابتغاء وجه ربهم ) ، طلب تعظيم الله ، وتنزيها له أن يخالف في أمره أو يأتي أمرا كره إتيانه فيعصيه به ( وأقاموا الصلاة ) ، يقول : وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها ( وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ) يقول : وأدوا من أموالهم زكاتها المفروضة وأنفقوا منها في السبل التي أمرهم الله بالنفقة فيها ( سرا ) في خفاء "وعلانية" في الظاهر . كما : -

20335 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( وأقاموا الصلاة ) يعني الصلوات الخمس ( وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ) . يقول الزكاة . [ ص: 422 ]

20336 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد "الصبر" الإقامة . قال : وقال "الصبر" في هاتين ، فصبر لله على ما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان ، وصبر عما يكره وإن نازعت إليه الأهواء . فمن كان هكذا فهو من الصابرين . وقرأ : ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) . [ سورة الرعد : 24 ]

وقوله : ( ويدرءون بالحسنة السيئة ) ، يقول : ويدفعون إساءة من أساء إليهم من الناس ، بالإحسان إليهم . كما : -

20337 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ويدرءون بالحسنة السيئة ) ، قال : يدفعون الشر بالخير ، لا يكافئون الشر بالشر ، ولكن يدفعونه بالخير .

وقوله : ( أولئك لهم عقبى الدار ) يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين وصفنا صفتهم ، هم الذين ( لهم عقبى الدار ) ، يقول : هم الذين أعقبهم الله دار الجنان ، من دارهم التي لو لم يكونوا مؤمنين كانت لهم في النار ، فأعقبهم الله من تلك هذه .

وقد قيل : معنى ذلك : أولئك الذين لهم عقيب طاعتهم ربهم في الدنيا ، دار الجنان .

التالي السابق


الخدمات العلمية