الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          277 - مسألة : ولا على مجنون ، ولا مغمى عليه ، ولا حائض ، ولا نفساء ، ولا قضاء على واحد منهم إلا ما أفاق المجنون والمغمى عليه ; أو طهرت الحائض والنفساء في وقت أدركوا فيه بعد الطهارة الدخول في الصلاة .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { رفع القلم عن ثلاثة فذكر المجنون حتى يفيق } وأما الحائض والنفساء ، وإسقاط القضاء عنها فإجماع متيقن ، وأما المغمى عليه فإننا روينا عن عمار بن ياسر وعطاء ومجاهد وإبراهيم وحماد بن أبي سليمان وقتادة أن المغمى عليه يقضي ، وقال سفيان : يقضي إن أفاق عند غروب الشمس الظهر والعصر فقط ، وقال أبو حنيفة : إن أغمي عليه خمس صلوات قضاهن ، فإن أغمي عليه أكثر لم يقض شيئا .

                                                                                                                                                                                          قال علي : أما قول أبي حنيفة ففي غاية الفساد ; لأنه لا نص أتى بما قال ، ولا [ ص: 9 ] قياس ; لأنه أسقط عن المغمى عليه ست صلوات ولم ير عليه قضاء شيء منهن .

                                                                                                                                                                                          وأوجب عليه إن أغمي عليه خمس صلوات أن يقضيهن ; فلم يقس المغمى عليه على المغمى عليه في إسقاط القضاء ، ولا قاس المغمى عليه على النائم في وجوب القضاء عليه في كل ما نام عنه .

                                                                                                                                                                                          وقد صح عن ابن عمر خلاف قول عمار على أن الذي روينا عن عمار إنما هو إنه أغمي عليه أربع صلوات فقضاهن ، كما روينا عن عبد الرزاق بن جريج عن نافع أن ابن عمر اشتكى مرة غلب فيها على عقله حتى ترك الصلاة ثم أفاق فلم يصل ما ترك من الصلاة ; وعن عبد الله بن عمر عن نافع : أغمي على ابن عمر يوما وليلة فلم يقض ما فاته .

                                                                                                                                                                                          وعن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه : إذا أغمي على المريض ثم عقل لم يعد الصلاة .

                                                                                                                                                                                          قال معمر : سألت الزهري عن المغمى عليه فقال لا يقضي وعن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين أنهما قالا في المغمى عليه : لا يعيد الصلاة التي أفاق عندها .

                                                                                                                                                                                          قال حماد قلت لعاصم بن بهدلة : أعدت ما كان مغمى عليك ؟ قال أما ذاك فلا .

                                                                                                                                                                                          قال علي : المغمى عليه لا يعقل ، ولا يفهم ; فالخطاب عنه مرتفع ، وإذا كان كل من ذكرنا غير مخاطب بها في وقتها الذي ألزم الناس أن يؤدوها فيه : فلا يجوز أداؤها في غير وقتها ; لأنه لم يأمر الله تعالى بذلك ، وصلاة لم يأمر الله تعالى بها لا تجب ، وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية