الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير .

                                                                                                                                                                                                                                      قال - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في إملائه : الاعتراف الإقرار ، أي : أقروا بذنبهم يوم القيامة حيث لا ينفع الإقرار والندم ، وتقدم له - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان انتفاع الكفار بإقرارهم هذا بتوسع عند قوله تعالى : يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل [ 7 \ 53 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      واستدل بهذه الآية ، آية " الملك " هناك .

                                                                                                                                                                                                                                      والظاهر أن الأصل في ذلك كله أن اعترافهم وإيمانهم بعد فوات الأوان بالمعاينة ، [ ص: 235 ] كما جاء في حق فرعون في قوله تعالى : حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين [ 10 \ 90 ] ، فقيل له : آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين [ 10 \ 91 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وجاء أصرح ما يكون في قوله : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا [ 6 \ 158 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      فلما جاء بعض آيات الله وظهر الحق ، لم يكن للإيمان محل بعد المعاينة : لا ينفع نفسا إيمانها ، أي : من قبل المعاينة كحالة فرعون المذكورة ; لأن حقيقة الإيمان التصديق بالمغيبات ، فإذا عاينها لم تكن حينذاك غيبا ، فيفوت وقت الإيمان والعلم عند الله ، وعليه حديث التوبة : " ما لم يغرغر " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية