الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل وما تحمله العاقلة يجب مؤجلا في ثلاث سنين إن كان دية كاملة ، وإن كان الواجب ثلث الدية ، كأرش الجائفة ، وجب في رأس الحول ، وإن كان نصفها كدية اليد وجب في رأس الحول الأول الثلث ، وباقيه في رأس الحول الثاني ، وإن كان دية امرأة أو كتابي فكذلك ، ويحتمل أن تقسم في ثلاث سنين ، وإن كان أكثر من دية ، كما لو جنى عليه فأذهب سمعه وبصره ، لم يزد في كل حول على الثلث وابتداء الحول في الجرح من الاندمال ، وقال القاضي : إن لم يسر الجرح إلى شيء فحوله من حين القطع ، ومن مات من العاقلة ، أو افتقر ، سقط ما عليه ، وإن مات بعد الحول لم يسقط ما عليه ، وعمد الصبي والمجنون خطأ تحمله العاقلة ، وعنه في الصبي العاقل : أن عمده في ماله .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ( وما تحمله العاقلة يجب مؤجلا في ثلاث سنين ) لا خلاف في وجوب دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين ، لقول عمر وعلي ، ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف ( إن كان دية كاملة ) لأنه لا مرجح لبعض السنين على بعض ، ولأنه مال يجب على سبيل المواساة ، فلم يجب حالا كالزكاة ، وحينئذ يجب في آخر كل حول ثلثها ، ويعتبر ابتداء السنة من حين وجوب الدية ( وإن كان الواجب ثلث الدية ، كأرش الجائفة ، وجب في رأس الحول ) أي : في آخر السنة الأولى ، ولم يجب منه شيء حالا ، لأن العاقلة لا تحمل حالا ( وإن كان نصفها كدية اليد وجب في رأس الحول الأول الثلث ) لأنه قدر ما يؤدى من الدية الكاملة ، فوجب لتساويهما في وقت الوجوب ( وباقيه في رأس الحول الثاني ) لأن ذلك محل القسط الثاني من الكاملة ( وإن كان دية امرأة أو كتابي ) لم يقتل عمدا ، قاله في الوجيز وفيه شيء ( فكذلك ) لأن هذا ينقص عن دية كاملة أشبهت أرش الطرف ( ويحتمل أن تقسم في ثلاث سنين ) لأن ذلك دية نفس كاملة ، أشبه دية المسلم ( وإن كان أكثر من دية كما لو جنى عليه ، فأذهب سمعه وبصره ، لم يزد في كل حول على الثلث ) لأن الواجب لو كان دون الدية لم ينقص في السنة عن الثلث ، فكذا لا يزيد عليه إذا زاد على الثلث ، وكذا إذا قتلت المرأة وجنينها بضربة [ ص: 26 ] بعد ما استهل ، لم تزد في كل حول على قدر الثلث ، وقال القاضي وأصحابه : دية نفس في ثلاث سنين ، وقيل : الكل ، فلو قتل اثنين فديتهما في ثلاث ، لأن كل واحد له دية فيستحق ثلثها كما لو انفرد حقه ، وقيل : في ست سنين فأما إذا كان الواجب دون الثلث كدية الأصبع لم تحملها العاقلة ، ويجب حالا لأنها بدل متلف ( وابتداء الحول في الجرح من الاندمال ) لأن الأرش لا يستقر إلا بالبرء ( وفي القتل من حين الموت ) لأنه حالة الوجوب ، سواء كان قتلا موجبا ، أو عن سراية جرح ( وقال القاضي : إن لم يسر الجرح إلى شيء فحوله من حين القطع ) لأن تلك حالة الوجوب ، ولهذا لو قطع يده ، وهو ذمي ، فأسلم ثم اندملت وجب نصف دية ذمي ، وحاصله أن عنده أن ابتداءه في القتل الموحي والجرح الذي لم يسر عن محله من حين الجناية ، وقيل : في الكل ثم الترافع إلى الحاكم ( ومن مات من العاقلة أو افتقر ) قبل تمام الحول ( سقط ما عليه ) بغير خلاف نعلمه ، لأنه مال يجب في آخر الحول على سبيل المواساة ، أشبه الزكاة ، ( وإن مات بعد الحول لم يسقط ما عليه ) لأنه حق تدخله النيابة لا يملك إسقاطه في حياته ، أشبه الدين ، ولأنه وجب عليه لحولان الحول ، فلم يسقط كالزكاة ( وعمد الصبي والمجنون خطأ ) نص عليه في رواية ابن منصور ، لأنه لا يتحقق منهما كمال القصد ، فوجب أن يكون كخطأ البالغ ( تحمله العاقلة ) لأنه لا يوجب القود ، فحملته غيره ( وعنه في الصبي العاقل : أن عمده في ماله ) لأنه عمد يجوز تأديبه عليه ، أشبه البالغ العاقل ، والمراد به المميز ، لكن قال ابن [ ص: 27 ] عقيل والحلواني : تجب مغلظة ، وفي الواضح رواية : في ماله بعد عشر سنين ، ونقل أبو طالب : ما أصاب الصبي من شيء فعلى الأب إلى قدر ثلث الدية ، فإذا جاوز ثلث الدية فعلى العاقلة ، فهذا رواية لا تحمل الثلث ، والأول أولى ، وما ذكروه ينتقض بشبه العمد .




                                                                                                                          الخدمات العلمية