الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية

                                                                                                                                                                                                                                      والطاغية فاعلة من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد مطلقا ، كقوله : إنا لما طغى الماء [ 69 \ 11 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إن الإنسان ليطغى [ 96 \ 6 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد اختلف في معنى الطغيان هنا ، فقال قوم : طاغية : عاقر الناقة ، كما في قوله تعالى : كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها [ 91 \ 11 - 12 ] ، فتكون الباء سببية ، أي : بسبب طاغيتها ، وقيل : الطاغية : الصيحة الشديدة التي أهلكتهم ، بدليل قوله تعالى : إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر [ 54 \ 31 ] ، فتكون الباء آلية ، كقولك : كتبت بالقلم ، وقطعت بالسكين .

                                                                                                                                                                                                                                      والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني ; لقوله تعالى : وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون [ 51 \ 44 ] . وقيل : لا مانع من إرادة المعنيين ; لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب ; لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيدا ، ويشير إليه قوله تعالى : فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 258 ] فالعتو هو الطغيان في الفعل ، والصاعقة هي الصيحة الشديدة ، وقد ربط بينهما بالفاء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية