الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3388 ) مسألة : قال : ( وإن اختلفا في القيمة ، فالقول قول المرتهن مع يمينه ، وإن اختلفا في قدر الحق ، فالقول قول الراهن مع يمينه ، إذا لم يكن لواحد منهما بما قال بينة ) . يعني : إذا اختلفا في قيمة الرهن ، إذا تلف في الحال التي يلزم المرتهن ضمانه ، وهي إذا تعدى ، أو لم يحرز ، فالقول قول المرتهن مع يمينه ; لأنه غارم ، ولأنه منكر لوجوب الزيادة على ما أقر به ، والقول قول المنكر . وبهذا قال الشافعي ، ولا نعلم فيه مخالفا ، وإن اختلفا في قدر الحق ، نحو أن يقول الراهن : رهنتك عبدي هذا بألف . فقال المرتهن : بل بألفين . فالقول قول الراهن . وبهذا قال النخعي والثوري ، والشافعي والبتي ، وأبو ثور وأصحاب الرأي . وحكي عن الحسن وقتادة ، أن القول قول المرتهن ، ما لم يجاوز ثمن الرهن ، أو قيمته ، ونحوه قول مالك ; لأن الظاهر أن الرهن يكون بقدر الحق . [ ص: 259 ] ولنا ، أن الراهن منكر للزيادة التي يدعيها المرتهن ، والقول قول المنكر ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { : لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه } رواه مسلم

                                                                                                                                            ولأن الأصل براءة الذمة من هذه الألف ، فالقول قول من ينفيها ، كما لو اختلفا في أصل الدين ، وما ذكره من الظاهر غير مسلم ; فإن العادة رهن الشيء بأقل من قيمته ، إذا ثبت هذا ، فالقول قول الراهن في قدر ما رهنه به ، سواء اتفقا على أنه رهنه بجميع الدين أو اختلفا ، فلو اتفقا على أن الدين ألفان ، وقال الراهن : إنما رهنتك بأحد الألفين . وقال المرتهن : بل رهنته بهما . فالقول قول الراهن مع يمينه ، لأنه ينكر تعلق حق المرتهن في أحد الألفين بعبده ، والقول قول المنكر . وإن اتفقا على أنه رهن بأحد الألفين ، وقال الراهن : هو رهن بالمؤجل . وقال المرتهن : بل بالحال . فالقول قول الراهن مع يمينه ، لأنه منكر ، ولأن القول قوله في أصل الرهن ، فكذلك في صفته ، وهذا إذا لم يكن بينة ، فإن كان لأحدهما بينة ، حكم بها ، بغير خلاف في جميع هذه المسائل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية