الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله عز ذكره : ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ( 15 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : واستفتحت الرسل على قومها : أي استنصرت الله عليها ( وخاب كل جبار عنيد ) ، يقول : هلك كل متكبر جائر حائد عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له .

و "العنيد" و "العاند" و "العنود" بمعنى واحد .

[ ص: 543 ] ومن "الجبار" تقول : هو جبار بين الجبرية ، والجبرية ، والجبروة ، والجبروة ، والجبروت .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

20612 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( واستفتحوا ) ، قال : الرسل كلها . يقول : استنصروا ( عنيد ) ، قال معاند للحق مجانبه .

20613 - حدثنا الحسن بن محمد قال : حدثنا شبابة قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

20614 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، ح وحدثني الحارث قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( واستفتحوا ) ، قال : الرسل كلها استنصروا ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال : معاند للحق مجانبه .

[ ص: 544 ] 20615 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله وقال ابن جريج : استفتحوا على قومهم .

20616 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى . . .

20617 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ، قال : كانت الرسل والمؤمنون يستضعفهم قومهم ، ويقهرونهم ويكذبونهم ، ويدعونهم إلى أن يعودوا في ملتهم ، فأبى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودوا في ملة الكفر ، وأمرهم أن يتوكلوا على الله ، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة ، ووعدهم أن يسكنهم الأرض من بعدهم ، فأنجز الله لهم ما وعدهم ، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا ، ( وخاب كل جبار عنيد ) .

20618 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله : ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال : هو الناكب عن الحق .

20619 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا مطرف ، عن بشر ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن سماك ، عن إبراهيم : ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال : الناكب عن الحق .

[ ص: 545 ] 20620 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( واستفتحوا ) ، يقول : استنصرت الرسل على قومها . قوله : ( وخاب كل جبار عنيد ) ، و "الجبار العنيد" الذي أبى أن يقول : لا إله إلا الله .

20621 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( واستفتحوا ) ، قال : استنصرت الرسل على قومها ( وخاب كل جبار عنيد ) ، يقول : عنيد عن الحق ، معرض عنه .

20622 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله - وزاد فيه : معرض ، أبى أن يقول : لا إله إلا الله .

20623 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال : "العنيد عن الحق" الذي يعند عن الطريق ، قال : والعرب تقول : شر الأهل : العنيد الذي يخرج عن الطريق .

20624 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ، قال : "الجبار" المتجبر .

وكان ابن زيد يقول في معنى قوله : ( واستفتحوا ) ، خلاف قول هؤلاء ، ويقول : إنما استفتحت الأمم ، فأجيبت .

20625 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( واستفتحوا ) ، قال : استفتاحهم بالبلاء ، قالوا : اللهم إن كان هذا الذي [ ص: 546 ] أتى به محمد هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، كما أمطرتها على قوم لوط ، أو ائتنا بعذاب أليم . قال : كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود : ( فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ) [ سورة الأعراف : 70 ] قال : فالاستفتاح العذاب ، قال : قيل لهم : إن لهذا أجلا! حين سألوا الله أن ينزل عليهم ، فقال : بل نؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار . فقالوا : لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة : ( ربنا عجل لنا قطنا ) عذابنا ( قبل يوم الحساب ) [ سورة ص : 16 ] . وقرأ : ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب ) حتى بلغ : ( ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون ) [ سورة العنكبوت : 53 - 55 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية