الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما بين تعالى أفعال هؤلاء الرجال التي أقبلوا بها عليه، وأعرضوا عما عداه، بين غايتهم فيها فقال: ليجزيهم أي يفعلون ذلك ليجزيهم الله أي في دار كرامته بعد البعث بعظمته وجلاله، وكرمه. وجماله أحسن ما عملوا أي جزاءه. ويغفر لهم سيئه ويزيدهم من فضله على العدل من الجزاء ما لم يستحقوه - كما هي عادة أهل الكرم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير: فإن الله لجلاله، وعظمته وكماله، لا يرضى أن يقتصر في جزاء المحسن على ما يستحقه فقط، عطف عليه بيانا لأن قدرته وعظمته لا حد لها قوله: والله أي [ ص: 282 ] الذي لا كفؤ له فلا اعتراض عليه يرزق من يشاء ولما كان المعنى: رزقا يفوق الحد، ويفوت العد، عبر عنه بقوله: بغير حساب فهو كناية عن السعة، ويجوز أن يكون مع السعة التوفيق، فيكون بشارة بنفي الحساب في الآخرة أيضا أصلا ورأسا، لأن ذلك المرزوق لم يعمل ما فيه درك عليه فلا يحاسب، أو يحاسب ولا يعاقب; فيكون المراد بنفي الحساب نفي عسره وعقابه، ويجوز أن يزاد الرزق كفافا، وقد ورد أنه لا حساب فيه; روى ابن كثير من عند ابن أبي حاتم بسنده عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، فيقومون وهم قليل، ثم يحاسب سائر الخلائق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية