الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الصدقة على بني هاشم

                                                                      1650 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على الصدقة من بني مخزوم فقال لأبي رافع اصحبني فإنك تصيب منها قال حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله فأتاه فسأله فقال مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة

                                                                      التالي السابق


                                                                      وبنو هاشم هم : آل علي ، وآل عباس ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل الحارث بن عبد المطلب ، وهاشم هو ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة .

                                                                      ( عن ابن أبي رافع ) : هو عبيد الله كاتب علي قاله العيني وثقه أبو حاتم ( عن أبي رافع ) : مولى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( بعث رجلا على الصدقة ) : أي أرسله ساعيا ليجمع الزكاة ويأتي بها إليه فلما أتى أبا رافع في طريقه ( فقال لأبي رافع اصحبني ) [ ص: 52 ] أي ائت معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ( فإنك تصيب منها ) : أي من الصدقة بسبب ذهابك معي أو بأن أقول له ليعطي نصيبك من الزكاة ، والظاهر أنه طلب منه المرافقة والمصاحبة والمعاونة عند السفر لا بعد الرجوع كما يدل عليه جوابه ( قال ) : أبو رافع ( فأسأله ) : أي لا أصحبك حتى أجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأستأذنه أو أسأله هل يجوز لي أم لا ( فسأله ) : عن ذلك ( فقال مولى القوم ) : أي عتقاؤهم ( من أنفسهم ) : أي فحكمهم كحكمهم ( وإنا لا تحل لنا الصدقة ) : فكيف تحل لمواليهم .

                                                                      وهذا دليل لمن قال بحرمة الصدقة على موالي من تحرم الصدقة عليه . قال الخطابي : أما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا خلاف بين المسلمين أن الصدقة لا تحل له ، وكذلك بنو هاشم في قول أكثر العلماء . وقال الشافعي : لا تحل الصدقة لبني عبد المطلب لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أعطاهم من سهم ذوي القربى وأشركهم فيه مع بني هاشم ولم يعط أحدا من قبائل قريش غيرهم ، وتلك العطية عوض عوضوه بدلا عما حرموه من الصدقة ، فأما موالي بني هاشم فإنه لا حظ لهم في سهم ذوي القربى فلا يجوز أن يحرموا الصدقة . ويشبه أن يكون إنما نهاه عن ذلك تنزيها له ، وقال مولى القوم على سبيل التشبه للاستنان بهم والاقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس . ويشبه أن يكون - صلى الله عليه وآله وسلم - قد كان تكفيه المؤنة إذ كان أبو رافع مولى له ، وكان يتصرف له في الحاجة والخدمة فقال له على هذا المعنى : إذا كنت تستغني بما أعطيت فلا تطلب أوساخ الناس فإنك مولانا ومنا ، انتهى .

                                                                      وقال النووي : تحريم الزكاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب .

                                                                      هذا مذهب الشافعي وموافقيه أن آله - صلى الله عليه وسلم - هم بنو هاشم وبنو المطلب . وبه قال بعض المالكية . وقال أبو حنيفة ومالك : هم بنو هاشم خاصة . وقال بعض العلماء : هم قريش كلها . وقال أصبغ المالكي : هم بنو قصي . دليل الشافعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن بني هاشم وبني المطلب شيء واحد وقسم بينهم سهم ذوي القربى ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . هذا آخر كلامه .

                                                                      وهذا الرجل الذي بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الأرقم بن الأرقم بن القرشي المخزومي ، بين ذلك الخطيب والنسائي وكان من المهاجرين الأولين وكنيته أبو عبد الله ، وهذا الذي [ ص: 53 ] استخفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في داره بمكة في أسفل الصفا حتى كملوا الأربعين رجلا آخرهم عمر بن الخطاب ، وهي التي تعرف بالخيزران وأبو رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسمه إبراهيم ، وقيل أسلم ، وقيل ثابت ، وقيل هرمز ، انتهى كلامه .




                                                                      الخدمات العلمية