الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3398 ) فصل : إذا أذن للراهن في بيع الرهن بعد حلول الحق ، جاز ، وتعلق حقه بثمنه . وإن أذن له قبل حلوله مطلقا ، فباعه ، بطل الرهن ، ولم يكن عليه عوضه ; لأنه أذن له فيما ينافي حقه ، فأشبه ما لو أذن في عتقه ، وللمالك أخذ ثمنه . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة ومحمد : يكون الثمن رهنا ; لأن الراهن باع الرهن بإذن المرتهن فوجب أن يثبت حقه فيه ، كما لو حل الدين . قال الطحاوي : حق المرتهن متعلق بعين الرهن ، والثمن بدله ، فوجب أن يتعلق به ، كما لو أتلفه ، متلف . ولنا أنه تصرف يبطل حق المرتهن من عين الرهن لا يملكه المرتهن ، فإذا أذن فيه ، أسقط حقه ، كالعتق ، ويخالف ما بعد الحلول ، لأن المرتهن يستحق البيع ، ويخالف الإتلاف ، لأنه غير مأذون فيه من جهة المرتهن . فإن قال : إنما أردت بإطلاق الإذن أن يكون ثمنه [ ص: 262 ] رهنا . لم يلتفت إلى دعواه ; لأن إطلاق الإذن يقتضي بيعا بفسخ الرهن ، وبهذا قال الشافعي ، وإن أذن فيه بشرط أن يجعل ثمنه مكانه رهنا ، أو يعجل له دينه من ثمنه ، جاز ، ولزم ذلك ، وإن اختلفا في الإذن ، فالقول قول المرتهن ; لأنه منكر . وإن أذن في البيع ، واختلفا في شرط جعل ثمنه رهنا ، أو تعجيل دينه منه ، فالقول قول الراهن ; لأن الأصل عدم الشرط . ويحتمل أن يكون القول قول المرتهن ; لأن الأصل بقاء الوثيقة . وإن أذن الراهن في البيع ، ثم رجع قبل البيع ، فباعه المرتهن بعد العلم بالرجوع ، لم يصح بيعه ، وإن باعه بعد الرجوع ، وقبل العلم ، احتمل وجهين ، بناء على عزل الوكيل قبل علمه . فإن اختلفا في الرجوع قبل البيع ، فقال القاضي : القول قول المرتهن أيضا ; لأن الأصل عدم الرجوع ، وعدم البيع قبل الرجوع ، فتعارض الأصلان ، وبقيت العين رهنا على ما كانت . وبهذا كله قال الشافعي . وهذا فيما لا يحتاج إلى بيعه ، فأما ما دعت الحاجة إلى بيعه ، كالذي خيف تلفه ، إذا أذن في بيعه مطلقا ، تعلق الحق بثمنه ، لأن بيعه مستحق ، فأشبه ما بيع بعد حلول الدين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية