الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 12 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ( 31 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم ( قل ) يا محمد ( لعبادي الذين آمنوا ) بك ، وصدقوا أن ما جئتهم به من عندي ( يقيموا الصلاة ) يقول : قل لهم : فليقيموا الصلوات الخمس المفروضة عليهم بحدودها ، ولينفقوا مما رزقناهم ، فخولناهم من فضلنا سرا وعلانية ، فليؤدوا ما أوجبت عليهم من الحقوق فيها سرا وإعلانا ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ) يقول : لا يقبل فيه فدية وعوض من نفس وجب عليها عقاب الله بما كان منها من معصية ربها في الدنيا ، فيقبل منها الفدية ، وتترك فلا تعاقب . فسمى الله جل ثناؤه الفدية عوضا ، إذ كان أخذ عوض من معتاض منه . وقوله : ( ولا خلال ) يقول : وليس ، هناك مخالة خليل ، فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالته ، بل هنالك العدل والقسط ، فالخلال مصدر من قول القائل : خاللت فلانا فأنا أخاله مخالة وخلالا ومنه قول امرئ القيس :


صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ولست بمقلي الخلال ولا قالي

وجزم قوله ( يقيموا الصلاة ) بتأويل الجزاء ، ومعناه : الأمر يراد قل لهم ليقيموا الصلاة .

حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ) يعني الصلوات الخمس ( وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ) يقول : زكاة أموالهم .

حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة ، في قوله ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) قال قتادة : إن الله تبارك وتعالى قد علم أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالون بها في [ ص: 13 ] الدنيا ، فينظر رجل من يخالل وعلام يصاحب ، فإن كان لله فليداوم ، وإن كان لغير الله فإنها ستنقطع .

التالي السابق


الخدمات العلمية