nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29004وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما عطف على جملة ادعوهم لآبائهم لأن الأمر فيها للوجوب فهو نهي عن ضده لتحريمه كأنه قيل : ولا تدعوهم للذين تبنوهم إلا خطأ .
والجناح : الإثم ، وهو صريح في أن الأمر في قوله ادعوهم لآبائهم أمر وجوب .
ومعنى فيما أخطأتم به ما يجري على الألسنة خارجا مخرج الغالب فيما اعتادوه أن يقولوا : فلان بن فلان للدعي ومتبنيه ، ولذلك قابله بقوله ولكن ما تعمدت قلوبكم أي ما تعمدته عقائدكم بالقصد والإرادة إليه .
وبهذا تقرر
nindex.php?page=treesubj&link=28410إبطال حكم التبني وأن لا يقول أحد لدعيه : هو ابني ، ولا يقول : تبنيت فلانا ، ولو قاله أحد لم يكن لقوله أثر ولا يعتبر وصية وإنما يعتبر قول الرجل : أنزلت فلانا منزلة ابن لي يرث ما يرثه ابني . وهذا هو المسمى بالتنزيل وهو خارج مخرج الوصية بمناب وارث إذا حمله ثلث الميت . وأما إذا قال لمن ليس بابنه : هو ابني ، على معنى الاستلحاق فيجري على حكمه إن كان المنسوب مجهول النسب ولم يكن الناسب مريدا التطلف والتقريب . وعند
أبي حنيفة وأصحابه من قال : هو ابني ، وكان أصغر من القائل وكان مجهول النسب سنا ثبت
[ ص: 265 ] نسبه منه ، وإن كان عبده عتق أيضا ، وإن كان لا يولد مثله لمثله لم يثبت النسب ولكنه يعتق عليه عند
أبي حنيفة خلافا لصاحبيه فقالا : لا يعتق عليه .
وأما معروف النسب فلا يثبت نسبه بالقائل فإن كان عبدا يعتق عليه لأن إطلاقه ممنوع إلا من جهة النسب فلو قال لعبده : هو أخي ، لم يعتق عليه إذا قال : لم أرد به أخوة النسب لأن ذلك يطلق في أخوة الإسلام بنص الآية وإذا قال أحد لدعيه : يا بني ، على وجه التلطف فهو ملحق بالخطأ ولا ينبغي التساهل فيه إذا كانت فيه ريبة .
وقوله ادعوهم لآبائهم يعود ضمير أمره إلى الأدعياء فلا يشمل الأمر دعاء الحفدة أبناء لأنهم أبناء . وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342355قال النبيء - صلى الله عليه وسلم - في الحسن - رضي الله عنه - إن ابني هذا سيد وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342356لا تزرموا ابني أي لا تقطعوا عليه بوله . وكذلك لا يشمل ما يقوله أحد لآخر غير دعي له : يا ابني ، تلطفا وتقربا ، فليس به بأس لأن المدعو بذلك لم يكن دعيا للقائل ولم يزل الناس يدعون لداتهم بالأخ أو الأخت ، قال الشاعر :
أنت أختي وأنت حرمة جاري وحرام علي خون الجوار ويدعون من هو أكبر باسم العم كثيرا ، قال
النمر بن تولب :
دعاني الغواني عمهن وخلتني لي اسم فلا أدعى به
وهو أول يريد أنهن كن يدعونه : يا أخي .
ووقوع " جناح " في سياق النفي بـ " ليس " يقتضي العموم فيفيد تعميم انتفاء الإثم عن العمل الخطأ بناء على قاعدة عدم تخصيص العام بخصوص سببه الذي ورد لأجله وهو أيضا معضود بتصرفات كثيرة في الشريعة ، منها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، وقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342357رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه .
ويفهم من قوله ادعوهم لآبائهم
nindex.php?page=treesubj&link=28443النهي عن أن ينسب أحد إلى غير أبيه بطريق لحن الخطاب . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342358من انتسب إلى غير أبيه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا .
[ ص: 266 ] ويخرج من النهي قول الرجل لآخر : أنت أبي وأنا ابنك على قصد التعظيم والتقريب وذلك عند انتفاء اللبس ، كقول
أبي الطيب يرقق سيف الدولة :
إنما أنت والد والأب القا طع أحنى من واصل الأولاد
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إن الله كان غفورا رحيما تعليل نفي الجناح عن الخطأ بأن
nindex.php?page=treesubj&link=30504_29694_29693نفي الجناح من آثار اتصاف الله تعالى بالمغفرة والرحمة بخلقه .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29004وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا لِلْوُجُوبِ فَهُوَ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ لِتَحْرِيمِهِ كَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَا تَدْعُوهُمْ لِلَّذِينَ تَبَنَّوْهُمْ إِلَّا خَطَأً .
وَالْجُنَاحُ : الْإِثْمُ ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ أَمْرُ وُجُوبٍ .
وَمَعْنَى فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ مَا يَجْرِي عَلَى الْأَلْسِنَةِ خَارِجًا مَخْرَجَ الْغَالِبِ فِيمَا اعْتَادُوهُ أَنْ يَقُولُوا : فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِلدَّعِيِّ وَمُتَبَنِّيهِ ، وَلِذَلِكَ قَابَلَهُ بِقَوْلِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ أَيْ مَا تَعَمَّدَتْهُ عَقَائِدُكُمْ بِالْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ إِلَيْهِ .
وَبِهَذَا تَقَرَّرَ
nindex.php?page=treesubj&link=28410إِبْطَالُ حُكْمِ التَّبَنِّي وَأَنْ لَا يَقُولَ أَحَدٌ لِدَعِيِّهِ : هُوَ ابْنِي ، وَلَا يَقُولَ : تَبَنَّيْتُ فُلَانًا ، وَلَوْ قَالَهُ أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ أَثَرٌ وَلَا يُعْتَبَرُ وَصِيَّةً وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الرَّجُلِ : أَنْزَلْتُ فُلَانًا مَنْزِلَةَ ابْنٍ لِي يَرِثُ مَا يَرِثُهُ ابْنِي . وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى بِالتَّنْزِيلِ وَهُوَ خَارِجٌ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ بِمَنَابِ وَارِثٍ إِذَا حَمَّلَهُ ثُلُثَ الْمَيِّتِ . وَأَمَّا إِذَا قَالَ لِمَنْ لَيْسَ بِابْنِهِ : هُوَ ابْنِي ، عَلَى مَعْنَى الِاسْتِلْحَاقِ فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ إِنْ كَانَ الْمَنْسُوبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَلَمْ يَكُنِ النَّاسِبُ مُرِيدًا التَّطَلُّفَ وَالتَّقْرِيبَ . وَعِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مَنْ قَالَ : هُوَ ابْنِي ، وَكَانَ أَصْغَرَ مِنَ الْقَائِلِ وَكَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ سِنًّا ثَبَتَ
[ ص: 265 ] نَسَبُهُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ عَبْدُهُ عَتَقَ أَيْضًا ، وَإِنْ كَانَ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ وَلَكِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ فَقَالَا : لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا مَعْرُوفُ النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِالْقَائِلِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إِطْلَاقَهُ مَمْنُوعٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ : هُوَ أَخِي ، لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إِذَا قَالَ : لَمْ أُرِدْ بِهِ أُخُوَّةَ النَّسَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُطْلَقُ فِي أُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ بِنَصِّ الْآيَةِ وَإِذَا قَالَ أَحَدٌ لِدَعِيِّهِ : يَا بُنَيَّ ، عَلَى وَجْهِ التَّلَطُّفِ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْخَطَأِ وَلَا يَنْبَغِي التَّسَاهُلُ فِيهِ إِذَا كَانَتْ فِيهِ رِيبَةٌ .
وَقَوْلُهُ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ يَعُودُ ضَمِيرُ أَمْرِهِ إِلَى الْأَدْعِيَاءِ فَلَا يَشْمَلُ الْأَمْرُ دُعَاءَ الْحَفَدَةِ أَبْنَاءً لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءٌ . وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342355قَالَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342356لَا تُزْرِمُوا ابْنِي أَيْ لَا تَقْطَعُوا عَلَيْهِ بَوْلَهُ . وَكَذَلِكَ لَا يَشْمَلُ مَا يَقُولُهُ أَحَدٌ لِآخَرَ غَيْرِ دَعِيٍّ لَهُ : يَا ابْنِي ، تَلَطُّفًا وَتَقَرُّبًا ، فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لِأَنَّ الْمَدْعُوَّ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ دَعِيًّا لِلْقَائِلِ وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَدْعُونَ لِدَاتِهِمْ بِالْأَخِ أَوِ الْأُخْتِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
أَنْتِ أُخْتِي وَأَنْتِ حُرْمَةُ جَارِي وَحَرَامٌ عَلَيَّ خَوْنُ الْجِوَارِ وَيَدْعُونَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ بَاسِمِ الْعَمِّ كَثِيرًا ، قَالَ
النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ :
دَعَانِي الْغَوَانِي عَمَّهُنَّ وَخِلْتُنِي لِيَ اسْمٌ فَلَا أُدْعَى بِهِ
وَهْوَ أَوَّلُ يُرِيدُ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَدْعُونَهُ : يَا أَخِي .
وَوُقُوعُ " جُنَاحٌ " فِي سِيَاقِ النَّفْيِ بِـ " لَيْسَ " يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَيُفِيدُ تَعْمِيمَ انْتِفَاءِ الْإِثْمِ عَنِ الْعَمَلِ الْخَطَأِ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ عَدَمِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِخُصُوصِ سَبَبِهِ الَّذِي وَرَدَ لِأَجْلِهِ وَهُوَ أَيْضًا مَعْضُودٌ بِتَصَرُّفَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الشَّرِيعَةِ ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ، وَقَوُلُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342357رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ .
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمُ
nindex.php?page=treesubj&link=28443النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُنْسَبَ أَحَدٌ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ بِطَرِيقِ لَحْنِ الْخِطَابِ . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342358مَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا .
[ ص: 266 ] وَيَخْرُجُ مِنَ النَّهْيِ قَوْلُ الرَّجُلِ لِآخَرَ : أَنْتَ أَبِي وَأَنَا ابْنُكَ عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ وَالتَّقْرِيبِ وَذَلِكَ عِنْدَ انْتِفَاءِ اللَّبْسِ ، كَقَوْلِ
أَبِي الطَّيِّبِ يُرَقِّقُ سَيْفَ الدَّوْلَةِ :
إِنَّمَا أَنْتَ وَالِدٌ وَالْأَبُ الْقَا طِعُ أَحَنَى مِنْ وَاصَلِ الْأَوْلَادِ
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا تَعْلِيلُ نَفْيِ الْجُنَاحِ عَنِ الْخَطَأِ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30504_29694_29693نَفْيَ الْجُنَاحِ مِنْ آثَارِ اتِّصَافِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ بِخَلْقِهِ .