الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              ( 220 ) باب المهلة بالعمرة تقدم مكة وهي حائض .

              2788 - ثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب أن مالكا ، حدثه عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، فأهللنا بعمرة قالت : فقدمت مكة ، وأنا حائض ، ولم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : انقضي رأسك وامتشطي ، وأهلي بالحج ، ودعي العمرة . قالت : ففعلت ، فلما قضينا الحج أرسلني [ ص: 1317 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت . قال : " هذه مكان عمرتك " .

              قال أبو بكر : قد كنت زمانا يتخالج في نفسي من هذه اللفظة التي في خبر عائشة ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لها : انقضي رأسك وامتشطي ، وكنت أفرق أن يكون في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها بذلك دلالة على صحة مذهب من خالفنا في هذه المسألة ، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة برفض العمرة ، ثم وجدت الدليل على صحة مذهبنا ، وذلك أن عائشة كانت ترى أن المعتمر إذا دخل الحرم حل له جميع ما يحل للحاج إذا رمى جمرة العقبة ، وكان يحل لعائشة بعد دخولها الحرم نقض رأسها ، والامتشاط .

              حدثنا بالخبر الذي ذكرت : عبد الجبار ، ثنا سفيان سمعه ابن جريج عن يوسف بن ماهك يخبر عن عائشة بنت طلحة : أن عائشة أمرتها أن تنقض شعرها وتغسله ، وقالت : إن المعتمر إذا دخل الحرم ، فهو بمنزلة الحاج إذا رمى جمرة العقبة .

              قال أبو بكر : قال الشافعي إنما أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تترك العمل بعمرة من الطواف والسعي : لا أن ترفض العمرة ، وأمرها أن تهل بالحج ، فتصير قارنة ، وهذا عند الشافعي كفعل ابن عمر حين أهل بعمرة ، ثم قال : ما أرى سبيلهما إلا واحدا ، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي ، فقرن الحج إلى العمرة قبل [ أن ] يطوف للعمرة ويسعى لها فصار قارنا ، ومعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لها : " هذه مكان العمرة التي لم يمكنك العمل لها " .

              قال أبو بكر : قد بينت هذا الخبر في المسألة الطويلة في تأليف أخبار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واختلاف ألفاظهم في حجة الوداع .

              [ ص: 1318 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية