الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 176 ] ( 12 ) باب البضاعة في القراض

                                                                                                                        1372 - قال مالك : في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا ، واستسلف من صاحب المال سلفا ، أو استسلف منه صاحب المال سلفا ، أو أبضع معه صاحب المال بضاعة يبيعها له ، أو بدنانير يشتري له بها سلعة . قال مالك : إن كان صاحب المال إنما أبضع معه ، وهو يعلم أنه لو لم يكن [ ص: 177 ] ماله عنده ، ثم سأله مثل ذلك فعله ، لإخاء بينهما ، أو ليسارة مؤونة ذلك عليه ، ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه ، أو كان العامل إنما استسلف من صاحب المال ، أو حمل له بضاعته ، وهو يعلم أنه لو لم يكن عنده ماله فعل له مثل ذلك ، ولو أبى ذلك عليه لم يردد عليه ماله ، فإذا صح ذلك منهما جميعا ، وكان ذلك منهما على وجه المعروف ، ولم يكن شرطا في أصل القراض ، فذلك جائز لا بأس به ، وإن دخل ذلك شرط ، أو خيف أن يكون صنع ذلك العامل لصاحب المال ، لأن يمسك العامل ماله ، ولا يرده عليه ، فإن ذلك لا يجوز في القراض . وهو مما ينهى عنه أهل العلم .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        30946 - قال أبو عمر : ما قاله مالك - رحمه الله - في هذا الباب صحيح واضح ; لأن الأصل المجتمع عليه في القراض أن تكون حصة العامل في الربح معلومة ، وكذلك حصة رب المال من الربح لا تكون أيضا إلا معلومة ، فإذا شرط أحدهما على صاحبه بضاعة يحملها له ويعمل فيها ، فقد ازداد على الحصة المعلومة ما تعود به مجهولة ; لأن العمل في البضاعة له أجرة يستحقها العامل ، فيها قد ازدادها عليه رب المال ، والسلف من كل واحد هو في هذا المعنى إذا كان شيء من ذلك مشترطا في أصل عقد القراض ، وأما إن تطوع منهما متطوع فلا بأس إذا [ ص: 178 ] سلم عقد القراض من الفساد .

                                                                                                                        30947 - هذا وجه الفقه في هذه المسألة ، وما عداه فاستحباب ، وورع ، وترك مباح خوف مواقعة المحذور ، والله أعلم .

                                                                                                                        30948 - وهذا المعنى هو قياس قول الشافعي أيضا ، والكوفي ، وسائر أهل العلم ، إن شاء الله .

                                                                                                                        30949 - وللتابعين فيه كراهية وإجازة .

                                                                                                                        30950 - ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، قال : لا بأس أن يدفع الرجل مالا مضاربة على أن يحمل له بضاعة .

                                                                                                                        30951 - وعن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه أنه كرهه .

                                                                                                                        30952 - وعن الثوري ، وعن مغيرة ، عن إبراهيم أنه كره أن يدفع إليه ألفا مضاربة ، وألفا قراضا ، وألفا بضاعة .




                                                                                                                        الخدمات العلمية