الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ دفع اللقطة إلى الذي يصفها ]

المثال التاسع والعشرون : رد السنة الثابتة المحكمة الصريحة في دفع اللقطة إلى من [ ص: 248 ] وصف عفاصها ووعاءها ووكاءها ، وقالوا : هو مخالف للأصول ، فكيف يعطي المدعي بدعواه من غير بينة ؟ ، ثم لم ينشبوا أن قالوا : من ادعى لقيطا عند غيره ثم وصف علامات في بدنه فإنه يقضى له به بغير بينة ، ولم يروا ذلك خلاف الأصول ، وقالوا : من ادعى خصيا ومعاقد قمطه من جهته قضي له به ولم يكن ذلك خلاف الأصول ، ومن ادعى حائطا ووجوه الآجر من جهته قضي له به ، ولم يكن ذلك خلاف الأصول ، ومن ادعى مالا على غيره فأنكر ونكل عن اليمين قضى له بدعواه ولم يكن ذلك خلاف الأصول ، وإذا ادعى الزوجان ما في البيت قضي لكل واحد منهما بما يناسبه ، ولم يكن ذلك خلاف الأصول .

ونحن نقول : ليس في الأصول ما يبطل الحكم بدفع اللقطة إلى واصفها ألبتة ، بل هو مقتضى الأصول ; فإن الظن المستفاد بوصفه أعظم من الظن المستفاد بمجرد النكول ، بل وبالشاهدين ، فوصفه بينة ظاهرة على صحة دعواه ، لا سيما ولم يعارضه معارض ; فلا يجوز إلغاء دليل صدقه مع عدم معارض أقوى منه ; فهذا خلاف الأصول حقا لا موجب السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية