الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القول في الصريح والكناية والتعريض قال العلماء : الصريح : اللفظ الموضوع لمعنى لا يفهم منه غيره عند الإطلاق ويقابله : الكناية تنبيه اشتهر أن مأخذ الصراحة هل هو ورود الشرع به أو شهرة الاستعمال خلاف وقال السبكي : الذي أقوله : إنها مراتب :

                أحدها : ما تكرر قرآنا وسنة مع الشياع عند العلماء والعامة فهو صريح قطعا كلفظ الطلاق .

                الثانية : المنكر غير الشائع كلفظ الفراق : والسراح فيه خلاف .

                الثالثة : الوارد غير الشائع كالافتداء وفيه خلاف أيضا .

                الرابعة : وروده دون ورود الثالثة ولكنه شائع على لسان حملة الشرع كالخلع والمشهور : أنه صريح .

                الخامسة : ما لم يرد ولم يشع عند العلماء ولكنه عند العامة مثل : حلال الله علي حرام والأصح : أنه كناية .

                قاعدة الصريح : لا يحتاج إلى نية ، والكناية : لا تلزم إلا بنية أما الأول : فيستثنى منه ما في الروضة وأصلها : أنه لو قصد المكره إيقاع الطلاق فوجهان : [ ص: 294 ] أحدهما : لا يقع ; لأن اللفظ ساقط بالإكراه : والنية لا تعمل وحدها والأصح : يقع ، لقصده بلفظه . وعلى هذا فصريح لفظ الطلاق عند الإكراه : كناية إن نوى وقع ، وإلا فلا وأما الثاني : فاستثنى منه ابن القاص صورة ، وهي : ما إذا قيل له : طلقت ؟ فقال نعم فقيل : يلزمه وإن لم ينو طلاقا ، وقيل : يحتاج إلى نية . واعترض بأن مقتضاه : الاتفاق على أن " نعم " كناية ، وأن القولين في احتياجه إلى النية .

                والمعروف : أن القولين في صراحته ، والأصح : أنه صريح ، فلم تسلم كناية عن الافتقار إلى النية . تنبيهات الأول : قد يشكل على قولهم " الصريح لا يحتاج إلى نية " قولهم " يشترط في وقوع الطلاق قصد حروف الطلاق بمعناه " وليس بمشكل ، فإن المراد في الكناية : قصد إيقاع الطلاق ، وفي الصريح قصد معنى اللفظ بحروفه ، لا الإيقاع ليخرج ما إذا سبق لسانه ، وما إذا نوى غير معنى الطلاق الذي هو قطع العصمة كالحل من وثاق . ويدخل ما إذا قصد المعنى ولم يقصد الإيقاع ، كالهازل .

                الثاني : من المشكل ، قول المنهاج في الوقف : وقوله " تصدقت " فقط : ليس بصريح ، وإن نوى ، إلا أن يضيف إلى جهة عامة وينوي ، فإن ظاهره أن النية تصيره صريحا ، وهو عجيب ، فإنه ليس لنا صريح يحتاج إلى نية وعبارة المحرر : ولو نوى لم يحصل الوقف ، إلا أن يضيف ، وهي حسنة ، فإنه من الكنايات كما عده في الحاوي الصغير وعبارة الروضة والشرح نحو عبارة المحرر

                الثالث : قال الرافعي في الإقرار : اللفظ ، وإن كان صريحا في التصديق فقد ينضم إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء ، والكذب كحركة الرأس الدالة على شدة التعجب والإنكار ، فيشبه أن لا تجعل إقرارا أو يجعل فيه خلاف لتعارض اللفظ والقرينة .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية