الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      عمرو بن العاص

                                                                                      ابن وائل الإمام أبو عبد الله ، ويقال : أبو محمد السهمي .

                                                                                      [ ص: 55 ] داهية قريش ورجل العالم ومن يضرب به المثل في الفطنة ، والدهاء ، والحزم .

                                                                                      هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلما في أوائل سنة ثمان ، مرافقا لخالد بن الوليد ، وحاجب الكعبة عثمان بن طلحة ، ففرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدومهم وإسلامهم ، وأمر عمرا على بعض الجيش ، وجهزه للغزو .

                                                                                      له أحاديث ليست كثيرة ، تبلغ بالمكرر نحو الأربعين ، اتفق البخاري ومسلم على ثلاثة أحاديث منها ، وانفرد البخاري بحديث ، ومسلم بحديثين . وروى أيضا عن عائشة .

                                                                                      حدث عنه ابنه عبد الله ، ومولاه أبو قيس ، وقبيصة بن ذؤيب ، وأبو عثمان النهدي ، وعلي بن رباح ، وقيس بن أبي حازم ، وعروة بن الزبير ، وجعفر بن المطلب بن أبي وداعة ، وعبد الله بن منين ، والحسن البصري مرسلا ، وعبد الرحمن بن شماسة المهري ، وعمارة بن خزيمة بن ثابت ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبو مرة مولى عقيل ، وأبو عبد الله الأشعري ، وآخرون .

                                                                                      [ ص: 56 ] قال الزبير بن بكار : هو أخو عروة بن أثاثة لأمه . وكان عروة ممن هاجر إلى الحبشة .

                                                                                      وقال أبو بكر بن البرقي : كان عمرو قصيرا يخضب بالسواد . أسلم قبل الفتح سنة ثمان ، وقيل : قدم هو وخالد ، وابن طلحة ، في أول صفر منها .

                                                                                      قال البخاري : ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - على جيش ذات السلاسل . نزل المدينة ثم سكن مصر ، وبها مات .

                                                                                      روى محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنا العاص مؤمنان ، عمرو وهشام .

                                                                                      وروى عبد الجبار بن الورد ، عن ابن أبي مليكة ، قال طلحة : ألا أحدثكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء ؟ إني سمعته يقول : عمرو بن العاص من صالحي قريش ، نعم أهل البيت أبو عبد الله ، وأم عبد الله ، وعبد الله .

                                                                                      الثوري : عن إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم النخعي قال : عقد [ ص: 57 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لواء لعمرو على أبي بكر وعمر وسراة أصحابه . قال الثوري : أراه قال : في غزوة ذات السلاسل .

                                                                                      مجالد ، عن الشعبي ، عن قبيصة بن جابر : قد صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أبين أو أنصع رأيا ، ولا أكرم جليسا منه ، ولا أشبه سريرة بعلانية منه .

                                                                                      قال محمد بن سلام الجمحي : كان عمر إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه ، قال : خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد ! .

                                                                                      روى موسى بن علي ، عن أبيه ، سمع عمرا يقول : لا أمل ثوبي ما وسعني ، ولا أمل زوجتي ما أحسنت عشرتي ، ولا أمل دابتي ما حملتني ، إن الملال من سيئ الأخلاق .

                                                                                      وروى أبو أمية بن يعلى ، عن علي بن زيد بن جدعان ، قال رجل لعمرو بن العاص : صف لي الأمصار ، قال : أهل الشام أطوع الناس لمخلوق ، وأعصاه للخالق ، وأهل مصر ، أكيسهم صغارا وأحمقهم كبارا ، وأهل الحجاز أسرع الناس إلى الفتنة ، وأعجزهم عنها ، وأهل العراق أطلب الناس للعلم ، وأبعدهم منه .

                                                                                      [ ص: 58 ] روى مجالد ، عن الشعبي قال : دهاة العرب أربعة : معاوية ، وعمرو ، والمغيرة ، وزياد . فأما معاوية فللأناة والحلم ، وأما عمرو فللمعضلات ، والمغيرة للمبادهة ، وأما زياد فللصغير والكبير .

                                                                                      وقال أبو عمر بن عبد البر كان عمرو من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية ، مذكورا بذلك فيهم . وكان شاعرا حسن الشعر ، حفظ عنه منه الكثير في مشاهد شتى وهو القائل :

                                                                                      إذا المرء لم يترك طعاما يحبه ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما     قضى وطرا منه وغادر سبة
                                                                                      إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما



                                                                                      وكان أسن من عمر بن الخطاب ، فكان يقول : إني لأذكر الليلة التي ولد فيها عمر - رضي الله عنه .

                                                                                      وقد سقنا من أخبار عمرو في المغازي وفي مسيره إلى النجاشي ، وفي سيرة عمر بن الخطاب ، وفي الحوادث ، وأنه افتتح إقليم مصر وولي إمرته زمن عمر ، وصدرا من دولة عثمان . ثم أعطاه معاوية الإقليم ، وأطلق له مغله ست سنين لكونه قام بنصرته ، فلم يل مصر من جهة معاوية إلا سنتين ونيفا . ولقد خلف من الذهب قناطير مقنطرة .

                                                                                      وقد سقت من أخباره في " تاريخ الإسلام " جملة ، وطول الحافظ ابن عساكر ترجمته .

                                                                                      [ ص: 59 ] وكان من رجال قريش رأيا ، ودهاء ، وحزما ، وكفاءة ، وبصرا بالحروب ، ومن أشراف ملوك العرب ، ومن أعيان المهاجرين ، والله يغفر له ويعفو عنه ، ولولا حبه للدنيا ودخوله في أمور لصلح للخلافة ، فإن له سابقة ليست لمعاوية . وقد تأمر على مثل أبي بكر وعمر ؛ لبصره بالأمور ودهائه .

                                                                                      ابن إسحاق : حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن راشد مولى حبيب ، عن حبيب بن أوس ، قال : حدثني عمرو بن العاص قال : لما انصرفنا من الخندق ، جمعت رجالا من قريش ، فقلت : والله إن أمر محمد يعلو علوا منكرا ، والله ما يقوم له شيء ، وقد رأيت رأيا ، قالوا : وما هو ؟ قلت : أن نلحق بالنجاشي على حاميتنا ، فإن ظفر قومنا ، فنحن من قد عرفوا ، نرجع إليهم ، وإن يظهر محمد ، فنكون تحت يدي النجاشي أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد . قالوا : أصبت . قلت : فابتاعوا له هدايا ، وكان من أعجب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم ، فجمعنا له أدما كثيرا ، وقدمنا عليه ، فوافقنا عنده عمرو بن أمية الضمري ، قد بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر جعفر وأصحابه ، فلما رأيته ، قلت : لعلي أقتله . وأدخلت الهدايا ، فقال : مرحبا وأهلا بصديقي ، وعجب بالهدية . فقلت : أيها الملك ! إني رأيت رسول محمد عندك ، وهو رجل قد وترنا ، وقتل أشرافنا ، فأعطنيه أضرب عنقه ; فغضب ، وضرب أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، فلو انشقت لي الأرض دخلت فيها .

                                                                                      وقلت : لو ظننت أنك تكره هذا لم أسألكه . فقال : سألتني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الذي كان يأتي موسى الأكبر تقتله ؟ ! فقلت : وإن ذاك لكذلك ؟ قال : نعم . والله إني لك ناصح فاتبعه ، فوالله [ ص: 60 ] ليظهرن كما ظهر موسى وجنوده . قلت : أيها الملك ، فبايعني أنت له على الإسلام ، فقال : نعم . فبسط يده ، فبايعته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام ، وخرجت على أصحابي وقد حال رأي ، فقالوا : ما وراءك ؟ فقلت : خير ، فلما أمسيت ، جلست على راحلتي ، وانطلقت ، وتركتهم ، فوالله إني لأهوي إذ لقيت خالد بن الوليد ، فقلت : إلى أين يا أبا سليمان ؟ قال : أذهب والله أسلم ، إنه والله قد استقام الميسم ، إن الرجل لنبي ما أشك فيه ، فقلت : وأنا والله . فقدمنا المدينة ، فقلت : يا رسول الله ، أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ، ولم أذكر ما تأخر فقال لي : يا عمرو بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله
                                                                                      .

                                                                                      ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سويد بن قيس عن قيس بن سمي أن عمرو بن العاص قال : يا رسول الله ! أبايعك على أن يغفر [ ص: 61 ] لي ما تقدم من ذنبي ؟ قال : إن الإسلام والهجرة يجبان ما كان قبلهما . قال : فوالله إني لأشد الناس حياء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ملأت عيني منه ولا راجعته .

                                                                                      ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أبي عمير الطائي ، عن الزهري قال : لما رأى عمرو بن العاص أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يظهر ، خرج إلى النجاشي وأهدى له ، فوافق عنده عمرو بن أمية في تزويج أم حبيبة ، فلقي عمرو عمرا ، فضربه وخنقه . ثم دخل على النجاشي ، فأخبره ، فغضب وقال : والله لو قتلته ما أبقيت منكم أحدا ، أتقتل رسول رسول الله ؟ فقلت : أتشهد أنه رسول الله ؟ قال : نعم . فقلت : وأنا أشهد ، ابسط يدك أبايعك . ثم خرجت إلى عمرو بن أمية ، فعانقته ، وعانقني ، وانطلقت سريعا إلى المدينة ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي .

                                                                                      النضر بن شميل : أخبرنا ابن عون ، عن عمير بن إسحاق : استأذن جعفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ائذن لي أن آتي أرضا أعبد الله فيها لا أخاف أحدا فأذن له ، فأتى النجاشي . قال عمير : فحدثني عمرو بن العاص قال : لما رأيت مكانه ، حسدته ، فقلت للنجاشي : إن بأرضك رجلا ابن عمه بأرضنا ، وإنه يزعم أنه ليس للناس إلا إله واحد ، وإنك - والله - إن لم [ ص: 62 ] تقتله وأصحابه ، لا أقطع هذه النطفة إليك أبدا . قال : ادعه . قلت : إنه لا يجيء معي ، فأرسل إليه معي رسولا ، فجاء ، فلما انتهينا إلى الباب ، ناديت : ائذن لعمرو بن العاص ، ونادى هو : ائذن لحزب الله ، فسمع صوته ، فأذن له ولأصحابه . ثم أذن لي ، فدخلت فإذا هو جالس ، فلما رأيته جئت حتى قعدت بين يديه ، فجعلته خلفي ، قال : وأقعدت بين كل رجلين من أصحابه رجلا من أصحابي ، فقال النجاشي : نخروا فقلت : إن ابن عم هذا بأرضنا يزعم أن ليس إلا إله واحد . قال : فتشهد ، فإني أول ما سمعت التشهد ليومئذ .

                                                                                      وقال : صدق ، هو ابن عمي وأنا على دينه . قال : فصاح صياحا ، وقال : أوه ، حتى قلت : ما لابن الحبشية ؟ فقال : ناموس مثل ناموس موسى . ما يقول في عيسى ؟ قال : يقول : هو روح الله وكلمته ، فتناول شيئا من الأرض ، فقال : ما أخطأ من أمره مثل هذه . وقال : لولا ملكي لاتبعتكم . وقال لعمرو : ما كنت أبالي أن لا تأتيني أنت ولا أحد من أصحابك أبدا . وقال لجعفر : اذهب فأنت آمن بأرضي ، من ضربك ، قتلته . قال : فلقيت جعفرا خاليا ، فدنوت منه ، فقلت : نعم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعبده . فقال : هداك الله . فأتيت أصحابي ، فكأنما [ ص: 63 ] شهدوه معي ، فأخذوني ، فألقوا علي قطيفة ، وجعلوا يغموني وجعلت أخرج رأسي من هنا ومن هنا ، حتى أفلت وما علي قشرة فلقيت حبشية ، فأخذت قناعها فجعلته على عورتي ، فقالت كذا وكذا ، وأتيت جعفرا ، فقال : ما لك ؟ قلت : ذهب بكل شيء لي ، فانطلق معي إلى باب الملك ، فقال : ائذن لحزب الله . فقال آذنه : إنه مع أهله . قال : استأذن لي ، فأذن له . فقال : إن عمرا قد بايعني على ديني ، فقال : كلا . قال : بلى . فقال لإنسان : اذهب فإن كان فعل فلا يقولن لك شيئا إلا كتبته . قال فجاء ، فجعل يكتب ما أقول حتى ما تركنا شيئا حتى القدح ، ولو أشاء أن آخذ من أموالهم إلى مالي لفعلت .

                                                                                      وعن عمرو قال : حضرت بدرا مع المشركين ، ثم حضرت أحدا ، [ ص: 64 ] فنجوت ، ثم قلت : كم أوضع ؟ فلحقت بالوهط ولم أحضر صلح الحديبية .

                                                                                      سليمان بن أيوب الطلحي : حدثنا أبي ، عن إسحاق بن يحيى ، عن عمه موسى بن طلحة ، عن أبيه : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن عمرو بن العاص لرشيد الأمر أحمد : حدثنا المقرئ ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني مشرح ، سمعت عقبة ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص .

                                                                                      عمرو بن حكام : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ابنا العاص مؤمنان . أحمد : حدثنا ابن مهدي ، عن موسى بن علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن [ ص: 65 ] العاص قال : كان فزع بالمدينة ، فأتيت سالما مولى أبي حذيفة ، وهو محتب بحمائل سيفه ، فأخذت سيفا ، فاحتبيت بحمائله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيها الناس ، ألا كان مفزعكم إلى الله ورسوله ، ألا فعلتم كما فعل هذان المؤمنان ؟ .

                                                                                      الليث : حدثنا يزيد ، عن ابن يخامر السكسكي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم صل على عمرو بن العاص ، فإنه يحبك ويحب رسولك منقطع .

                                                                                      أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، أخبرنا الليث عن يزيد ، عن سويد بن قيس ، عن زهير بن قيس البلوي ، عن علقمة بن رمثة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عمرو بن العاص إلى البحرين ، فخرج رسول الله في سرية ، وخرجنا معه ، فنعس ، وقال : يرحم الله عمرا . فتذاكرنا كل من اسمه عمرو . قال : فنعس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : رحم الله عمرا . ثم نعس الثالثة ، فاستيقظ ، فقال : رحم الله عمرا . قلنا : يا رسول الله ، من عمرو هذا ؟ قال : عمرو بن العاص . قلنا : وما شأنه ؟ قال : كنت إذا ندبت الناس إلى الصدقة ، جاء فأجزل منها ، فأقول : يا عمرو ! أنى لك هذا ؟ فقال : من عند الله ، قال : وصدق عمرو ; إن له عند الله خيرا كثيرا .

                                                                                      [ ص: 66 ] الوليد بن مسلم : عن يحيى بن عبد الرحمن ، عن حبان بن أبي جبلة ، عن عمرو بن العاص قال : ما عدل بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبخالد منذ أسلمنا أحدا من أصحابه في حربه .

                                                                                      موسى بن علي ، عن أبيه ، سمع عمرا يقول : بعث إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : خذ عليك ثيابك وسلاحك ، ثم ائتني . فأتيته وهو يتوضأ ، فصعد في البصر ، وصوبه ، فقال : إني أريد أن أبعثك على جيش ، فيسلمك الله ويغنمك ، وأرغب لك رغبة صالحة من المال . قلت : يا رسول الله ! ما أسلمت من أجل المال ، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام ، ولأن أكون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يا عمرو نعما بالمال الصالح للرجل الصالح .

                                                                                      إسماعيل بن أبي خالد : عن قيس قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرا في غزوة ذات السلاسل ، فأصابهم برد ، فقال لهم عمرو : لا يوقدن أحد نارا . فلما قدم شكوه ، قال : يا نبي الله ! كان فيهم قلة ، فخشيت أن يرى العدو قلتهم ، ونهيتهم أن يتبعوا العدو مخافة أن يكون لهم كمين . فأعجب ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                      [ ص: 67 ] وكيع : عن منذر بن ثعلبة ، عن ابن بريدة قال عمر لأبي بكر : لم يدع عمرو بن العاص الناس أن يوقدوا نارا ، ألا ترى إلى ما صنع بالناس ، يمنعهم منافعهم ؟ فقال أبو بكر : دعه ، فإنما ولاه رسول الله علينا لعلمه بالحرب .

                                                                                      وكذا رواه يونس بن بكير عن منذر .

                                                                                      وصح عن أبي عثمان النهدي ، عن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمله على جيش ذات السلاسل ، وفيهم أبو بكر وعمر .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية