الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وهل ينعزل قبل علمه بعزله ؟ اختاره الأكثر : وذكر شيخنا : أنه أشهر [ ص: 345 ] أم لا يصح ؟ فيه روايتان ( م 15 ) وينبني عليهما تضمينه . قال : شيخنا : [ ص: 346 ] لا يضمن ، لأنه لم يفرط ، وقال في تضمين مشتر لم يعلم الأجرة : نزاع في مذهب أحمد [ رضي الله عنه ] . واختار أنه لا يضمن ، وإذا ضمن رجع على الغار ، في ظاهر مذهبه ، وذكر وجها : ينعزل بالموت لا بالعزل .

                                                                                                          ( و هـ م ) قال شيخنا . لو باع أو تصرف فادعى أنه عزله قبله لم يقبل ، فلو أقام به بينة ببلد آخر وحكم به حاكم فإن لم ينعزل قبل العلم صح تصرفه ، وإلا كان حكما على الغائب ، ولو حكم قبل هذا الحكم بالصحة حاكم لا يرى عزله قبل العلم ، فإن كان قد بلغه ذلك نفذ والحكم الناقض له مردود ، وإلا وجوده كعدمه ، والحاكم الثاني إذا لم يعلم بأن العزل قبل العلم ، أو علم ولم يره ، أو رآه ولم ير نقض الحكم المتقدم ، فحكمه كعدمه . وقبض الثمن من وكيله دليل بقاء وكالته ، وأنه قول أكثر العلماء ، ويتوجه خلاف ، ولا ينعزل مودع قبل علمه ، خلافا لأبي الخطاب فما بيده ، [ ص: 347 ] أمانة وأن مثله مضارب . ومن قيل له : اشتر كذا بيننا ، فقال : نعم ، ثم قال لآخر : نعم ، فقد عزل نفسه ، فيكون له وللثاني ، ويبطل في طلاق زوجته بوطئه ، على الأصح ، وفيه بقبلة خلاف ، كرجعة ، وعتق عبد بتدبيره وكتابته ودلالة رجوعه لا ببيعه فاسدا أو سكناه ، وله التوكيل إن جعله له ، وعنه : مطلقا ، كما لا يباشره مثله أو يعجز عنه ، وقيل . في زائد عن عمله ، أو قيل له : اصنع أو تصرف كيف شئت ، وفيه وجه ، ولعل ظاهر ما سبق يستنيب نائبا في الحج لمرض ، ( هـ ش ) [ ص: 348 ] ويتعين أمين إلا مع تعيين موكل ، وإن منعه فلا ، وكذا حاكم ووصي ومضارب وولي في نكاح غير مجبر .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 15 ) قوله : وهل ينعزل قبل علمه بعزله ؟ اختاره الأكثر ، وذكر شيخنا أنه أشهر ، أم لا [ يصح ؟ ] فيه روايتان ، انتهى . وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والكافي والمقنع والتلخيص والمحرر والشرح والرعاية الكبرى والفائق وشرح ابن رزين وشرح المجد وشرح المحرر وغيرهم :

                                                                                                          ( إحداهما ) ينعزل ، وهو الصحيح ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، قال في المذهب ومسبوك الذهب : انعزل ، في أصح الروايتين ، وصححه في الخلاصة ، واختاره أبو الخطاب والشريف وابن عقيل وغيرهم ، قال المصنف هنا : اختاره الأكثر ، قال القاضي : هذا أشبه بأصول المذهب ، وقياس لقولنا إذا كان الخيار لهما كان لأحدهما الفسخ من غير حضور الآخر ، وجزم به في الوجيز والمنور ونهاية ابن رزين وغيرهم . [ ص: 346 ] الرواية الثانية لا ينعزل ، نص عليها في رواية ابن منصور وجعفر بن محمد وأبي الحارث ، وصححه في النظم ، وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين ، ( قلت ) : وهو الصواب .

                                                                                                          وقال القاضي : محل الروايتين فيما إذا كان الموكل فيه باقيا في ملك الموكل ، أما إن أخرجه عن ملكه بعتق أو بيع انفسخت الوكالة ، وجزم به ، ( قلت ) : وهو قوي .

                                                                                                          [ ص: 347 ] تنبيهات :

                                                                                                          ( الأول ) قوله : وتبطل في طلاق زوجته بوطئه ، على الأصح ، وفيه بقبلة خلاف ، كرجعة وعتق عبد بتدبيره وكتابته وكفالة رجوعه انتهى . أحال المصنف الخلاف في القبلة في إبطال الوكالة على الخلاف في القبلة في حصول الرجعة بها ، والصحيح من المذهب عدم حصول الرجعة بها ، فكذا الصحيح من المذهب لا تبطل الوكالة في طلاقها بتقبيلها ، والذي يظهر أن قوله " وعتق عبد بتدبيره " إلى آخره معطوف على قوله في طلاق زوجته من قوله " وتبطل في طلاق زوجته بوطئه على الأصح " لا على قوله " كرجعة " إذ الصحيح من المذهب بطلان الوكالة في العتق بالتدبير والكتابة ، وكذلك دلالة الحال على رجوعه ، وتقديره وتبطل الوكالة في طلاق زوجته بوطئه وعتق عبده بتدبيره ، يعني تبطل الوكالة في عتق عبده بتدبيره على الأصح ، كالوطء ، والله أعلم .

                                                                                                          [ ص: 348 ] الثاني ) قول المصنف هنا : وله التوكيل إن جعله له ، وعنه : مطلقا ، ثم قوله " وكذا حاكم ووصي ومضارب وولي في نكاح في غير مجبر " انتهى ، ظاهر ما قدمه أن الولي غير المجبر لا يوكل إلا بإذن ، وقد قال في أركان النكاح : ووكيله كهو وقيل : لا يوكل غير مجبر بلا إذن إلا حاكم ، انتهى . فقدم هناك أن له الوكالة إذا كان غير مجبر من غير إذن ، فحصل التناقض ، والمعتمد على ما قاله في باب أركان النكاح ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقد حررت ذلك في الإنصاف .

                                                                                                          ( الثالث ) قوله : " وولي في نكاح غير مجبر " الأحسن في العبارة أن يقول : وولي غير مجبر في نكاح فالظاهر أن في كلامه تقديما وتأخيرا وزيادة




                                                                                                          الخدمات العلمية