الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3144 (8) باب

                                                                                              في مضاعفة أجر العبد الصالح

                                                                                              [ 1589 ] عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله، فله أجره مرتين".

                                                                                              رواه البخاري (2546)، ومسلم (1664)، وأبو داود (5169). [ 1590 ] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للعبد المملوك المصلح أجران، والذي نفس أبي هريرة بيده، لولا الجهاد في سبيل الله، والحج وبر أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك. قال سعيد بن المسيب: وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها.

                                                                                              رواه البخاري (2548)، ومسلم (1665).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (8) ومن باب مضاعفة أجر العبد الصالح

                                                                                              قد تقدم في الإيمان القول على مضاعفة أجر الكتابي.

                                                                                              [ ص: 355 ] و (قول أبي هريرة : ( لولا الجهاد، والحج، وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك ) تصريح: بأن العبد لا يجب عليه جهاد ولا حج. وهو المعلوم من الشرع؛ لأن الحج، والجهاد لا يخاطب بهما إلا المستطيع لهما. والعبد غير مستطيع؛ إذ لا استقلال له بنفسه، ولا مال؛ إذ لا يملك عند كثير من العلماء. وإن ملك عندنا فليس مستقلا بالتصرف فيه. ويظهر من تمني أبي هريرة كونه مملوكا: أنه فضل العبودية على الحرية. وكأنه فهم هذا من مضاعفة أجر العبد الصالح. وهذا لا يصح مطلقا؛ فإن المعلوم من الشرع خلافه؛ إذ الاستقلال بأمور الدين والدنيا إنما حصل بالأحرار. والعبد كالمفقود لعدم استقلاله، وكالآلة المصرفة بالقهر، والبهيمة المسخرة بالجبر. ولذلك سلب مناصب الشهادات، ومعظم الولايات، ونقصت حدوده عن حدود الأحرار، إشعارا بخسة المقدار.

                                                                                              وكونه: له أجره مرتين؛ إنما ذلك لتعدد الجهتين؛ لأنه مطالب من جهة الله تعالى بعبادته، ومن جهة سيده بطاعته، ومع ذلك فالحر وإن طولب من جهة واحدة، فوظائفه فيها أكثر، وغناؤه أعظم، فثوابه أكثر. وقد أشار إلى هذا أبو هريرة بقوله: ( لولا الجهاد والحج وبر أمي لأحببت أن أموت عبدا ) أي: لولا النقص الذي يلحق العبد لفوت هذه الأمور.




                                                                                              الخدمات العلمية