الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          285 - مسألة : وأما الركعتان بعد العصر : فإن أبا حنيفة ومالكا نهيا عنهما ؟ وأما الشافعي فإنه قال : من فاتته ركعتان قبل الظهر [ أو بعده ] فله أن يصليهما بعد العصر ; فإن صلاهما بعد العصر فله أن يثبتهما في ذلك الوقت فلا يدعهما أبدا وقال أحمد بن حنبل : لا أصليهما ، ولا أنكر على من صلاهما ، وقال أبو سليمان : هما مستحسنتان ؟ قال علي : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا قتيبة عن إسماعيل بن جعفر أخبرني محمد هو ابن أبي حرملة أنا { أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر ؟ فقالت : كان يصليهما قبل العصر ، ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أثبتها } .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 30 ] قال علي : بهذا تعلق الشافعي - ، ولا حجة له فيه ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل : إنهما لا تجوزان إلا لمن نسيهما أو شغل عنهما ، ولو لم تكن صلاتهما حينئذ جائزة حسنة ما أثبتهما في وقت لا تجوزان فيه .

                                                                                                                                                                                          ؟ وأما أبو حنيفة ومالك - فاحتج لهما بما رويناه من طريق أبي داود : حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ثنا عمي - هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد - ثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر - يعني ركعتين - وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال } ؟ وبما رويناه من طريق البزار : ثنا يوسف بن موسى ثنا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { إنما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر ; لأنه جاءه مال فقسمه شغله عن الركعتين ، بعد الظهر ، فصلاهما بعد العصر ، ولم يعد لهما } ؟ وبما رويناه من طريق ابن أيمن : ثنا قاسم بن يونس ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح ثنا الليث ثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عبد الله بن بابي مولى عائشة أم المؤمنين [ ص: 31 ] أن موسى بن طلحة أخبره أن معاوية لما حج دخلنا عليه ، فسأل ابن الزبير عن الركعتين بعد العصر اللتين صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرتنيه عائشة ; فأرسل معاوية المسور بن مخرمة إلى عائشة : هل صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عندك ] ؟ قالت : لا ، ولكن أخبرتني أم سلمة أنه صلاهما عندها ؟ فأرسل معاوية المسور إلى أم سلمة يسألها فقالت : { دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر فصلى ركعتين فقلت : يا رسول الله لقد رأيتك اليوم صليت صلاة ما رأيتك تصليها ؟ فقال : شغلني خصم فكانت ركعتين وكنت أصليهما قبل العصر فأحببت أن أصليهما الآن ؟ قالت : لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما قبل ذلك اليوم ، ولا بعده } .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 32 ] وبما رويناه من طريق عبد الرحمن بن مهدي : ثنا سفيان هو الثوري - ثنا أبو إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي دبر كل صلاة مكتوبة ركعتين إلا العصر والصبح } .

                                                                                                                                                                                          وبما رواه بعض الناس عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن أم سلمة { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثم دخل بيتي فصلى ركعتين ؟ فقلت : يا رسول الله ، صليت صلاة لم تصلها ؟ قال : قدم علي مال فشغلني عن ركعتين كنت أركعهما بعد الظهر فصليتهما الآن ؟ قلت : يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : لا } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية