الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في التعجيل بالظهر

                                                                                                          155 حدثنا هناد بن السري حدثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت ما رأيت أحدا كان أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من أبي بكر ولا من عمر قال وفي الباب عن جابر بن عبد الله وخباب وأبي برزة وابن مسعود وزيد بن ثابت وأنس وجابر بن سمرة قال أبو عيسى حديث عائشة حديث حسن وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم قال علي بن المديني قال يحيى بن سعيد وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل حديثه الذي روى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم من سأل الناس وله ما يغنيه قال يحيى وروى له سفيان وزائدة ولم ير يحيى بحديثه بأسا قال محمد وقد روي عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الظهر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن سفيان ) هو الثوري ( عن حكيم بن جبير ) قال في التقريب : ضعيف ، ويأتي ما فيه من الكلام .

                                                                                                          ( عن إبراهيم ) هو النخعي .

                                                                                                          [ ص: 411 ] قوله : ( ما رأيت أحدا كان أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فيه دليل على أن التعجيل بالظهر أفضل ، قال ابن قدامة في المغني : لا نعلم في استحباب تعجيل الظهر في غير الحر والغيم خلافا ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن جابر بن عبد الله وخباب وأبي برزة وابن مسعود وزيد بن ثابت وأنس وجابر بن سمرة ) أما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه البخاري في باب وقت المغرب ومسلم بلفظ : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة " ، الحديث .

                                                                                                          وأما حديث خباب فأخرجه مسلم بلفظ : " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا " ، أي فلم يزل شكوانا ، ورواه ابن المنذر بعد قوله : فلم يشكنا ، وقال : إذا زالت الشمس فصلوا ، كذا في فتح الباري ، وأما حديث أبي برزة فأخرجه البخاري ومسلم بلفظ : " كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس " الحديث .

                                                                                                          وأما حديث ابن مسعود فأخرجه ابن ماجه بلفظ : " شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا " وفي إسناده زيد بن جبير ، قال أبو حاتم : ضعيف . وقال البخاري : منكر الحديث .

                                                                                                          وأما حديث زيد بن ثابت فلينظر من أخرجه .

                                                                                                          وأما حديث أنس فأخرجه البخاري ومسلم بلفظ : إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر .

                                                                                                          وأما حديث جابر بن سمرة فأخرجه مسلم وغيره بلفظ : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا دحضت الشمس .

                                                                                                          قوله : ( حديث عائشة حديث حسن ) قد حسن الترمذي هذا الحديث وفيه حكيم بن جبير ، وهو متكلم فيه فالظاهر أنه لم ير بحديثه بأسا ، وهو من أئمة الفن .

                                                                                                          قوله : ( وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ) قال القاضي الشوكاني في النيل تحت حديث جابر بن سمرة الذي ذكرنا ما لفظه : الحديث يدل على استحباب تقديمها ، وإليه ذهب الهادي والقاسم والشافعي والجمهور للأحاديث الواردة في أفضلية أول الوقت [ ص: 412 ] وقد خصه الجمهور بما عدا أيام شدة الحر وقالوا يستحب الإبراد فيها إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( قال علي ) هو ابن المديني ( قال يحيى بن سعيد ) هو القطان ( وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل حديثه الذي روى عن ابن مسعود . . . إلخ ) روى المؤلف هذا الحديث في باب من تحل له الزكاة بإسناده عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح . قيل : يا رسول الله ، وما يغنيه؟ قال : خمسون درهما أو قيمتها من الذهب قال الترمذي بعد رواية هذا الحديث : وحديث ابن مسعود حديث حسن وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث . انتهى كلامه ، وروى هذا الحديث أبو داود وابن ماجه وزادا : فقال رجل لسفيان : إن شعبة لا يحدث عن حكيم بن جبير ، فقال سفيان : حدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد .

                                                                                                          ( وروى له سفيان وزائدة ) أي رويا عن حكيم بن جبير ( ولم ير يحيى بحديثه بأسا ) قال الذهبي في الميزان في ترجمة حكيم بن جبير : قال أحمد ضعيف منكر الحديث ، وقال البخاري : كان شعبة يتكلم فيه ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال معاذ : قلت لشعبة حدثني بحديث حكيم بن جبير ، قال : أخاف النار إن أحدث عنه . قلت فهذا يدل على أن شعبة ترك الرواية عنه بعد ، وقال علي : سألت يحيى بن سعيد عنه فقال وكم روى؟ إنما روى يسيرا عنه زائدة وتركه شعبة من أجل حديث الصدقة . وروى عباس عن يحيى في حديث حكيم بن جبير حديث ابن مسعود " لا تحل الصدقة لمن عنده خمسون درهما " فقال : يرويه سفيان عن زيد لا أعلم أحدا يرويه غير يحيى بن آدم ، وهذا وهم لو كان كذا لحدث به الناس عن سفيان ولكنه حديث منكر يعني ، وإنما المعروف بروايته حكيم . وقال الفلاس : كان يحيى يحدث عن حكيم وكان عبد الرحمن لا يحدث عنه . وعن ابن مهدي قال : إنما روى أحاديث يسيرة وفيها منكرات . وقال الجوزجاني : حكيم بن جبير كذاب ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية