الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ؛ والفاء؛ كما قلنا؛ للترتيب والتعقيب؛ أي أنهم فور ما رأوا أن العصا تلقف ما يأفكون؛ فتبتلع مادة سحرهم التي تسحر العيون؛ ووجدوا حقيقة؛ لا تخييلا؛ ولا وهما؛ فكان الحق؛ فأسرعوا بالسجود؛ وقوله (تعالى): فألقي السحرة ساجدين ؛ مبني للمفعول؛ إشارة إلى أن إيمانهم؛ وإذعانهم للحق هو الذي ألقاهم ساجدين؛ وكأنهم غير مختارين ولا مريدين؛ فالسجود كان مساوقا للعلم الذي أوتوه من معجزة موسى - عليه السلام -؛ وقالوا: آمنا برب العالمين؛ لأنه المنشئ القاهر القدير الكالئ الحامي.

                                                          رب موسى وهارون ؛ وإن هذا يدل على صفاء نفوس هؤلاء؛ وقد أشرنا في الآيات السابقة إلى أنهم لم يكونوا مذعنين لما يدعيهفرعون؛ كما يبدو من لحن أقوالهم. [ ص: 5356 ] وإن أولئك آمنوا حقا وصدقا؛ إذ إنهم تركوا الأجر؛ وكان كبيرا؛ وتركوا الازدلاف إلى فرعون؛ والقرب منه؛ والتحكم باسمه؛ ورضوا بأن يقطعوا ويصلبوا؛ وذلك هو الإيمان حقا وصدقا.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية