الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2807 (5) باب

                                                                                              النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض أو ينقل

                                                                                              [ 1607 ] عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يستوفيه قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله.

                                                                                              وفي أخرى: من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يكتاله.


                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 111 )، ومسلم (1525) (29 و 31)، وأبو داود (3469)، والنسائي ( 7 \ 286 ). [ 1608 ] ومثله عن أبي هريرة قال طاوس: فقلت لابن عباس: لم؟ فقال: ألا تراهم يتبايعون بالذهب؛ والطعام مرجأ.

                                                                                              رواه مسلم (1525) (31).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (5) ومن باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض

                                                                                              (قوله صلى الله عليه وسلم: ( من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه ) وفي أخرى: (حتى يكتاله). وروى أبو داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: نهى [ ص: 376 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه. وبظاهر هذا الحديث قال مالك . غير أنه ألحق بالشراء جميع المعاوضات، وحمل الطعام على عمومه - ربويا كان أو غير ربوي - في مشهور الروايتين عنه. وروى ابن وهب عنه تخصيصه بما فيه الربا من الأطعمة. ورأي ابن حبيب وسحنون : أنه يتعدى إلى كل ما فيه حق توفية، فحذفا خصوصية الطعام، وكذلك فعل الشافعي ، غير أنه لم يخصه بما فيه حق توفية، بل عداه لكل مشترى. وكذلك فعل أبو حنيفة غير أنه استثنى من ذلك العقار، وما لا ينقل. وقال: يجوز بيع كل شيء قبل قبضه عثمان البتي ، وانفرد به.

                                                                                              فحجة مالك رحمه الله تعالى للمشهور عنه: التمسك بظاهر الحديث، وعضده بما ذكره في "موطئه": من أنه مجمع عليه بالمدينة ، وأنه لا خلاف عندهم في منعه وقصره على ما بيع بكيل، أو وزن من الطعام، تمسكا بدليل خطاب الأحاديث المتقدمة.

                                                                                              ثم اختلف أصحابه: هل هذا المنع شرع غير معلل بالعينة، وإليه أشار مالك في "موطئه"، حيث أدخل هذا الحديث في باب العينة، وهو [ ص: 377 ] الذي عنى ابن عباس حيث قال: (يتبايعون بالذهب، والطعام مرجأ ). وأما الشافعي : فإنما حذف خصوصية الطعام لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من نهيه عن ربح ما لم يضمن ؛ خرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، فهذا اللفظ قد عم الطعام وغيره. ولقول ابن عباس : وأحسب كل شيء مثله .

                                                                                              قلت: ويعتضد مذهب الشافعي بما رواه الدارقطني من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه؛ أنه قال: يا رسول الله ! إني أشتري فما يحل وما يحرم علي؟ قال: (يا ابن أخي ! إذا ابتعت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه). وروى أبو داود من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. ومتمسكات مالك والشافعي تبطل قول عثمان البتي .




                                                                                              الخدمات العلمية