الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين الآيات . أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين قال : عليون فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى كتاب مرقوم قال : رقم لهم بخير يشهده المقربون قال : المقربون من ملائكة الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 302 ] وأخرج عبد بن حميد عن كعب قال : هي قائمة العرش اليمنى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : عليون السماء السابعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد من طريق الأجلح عن الضحاك قال : إذا قبض روح العبد المؤمن عرج به إلى السماء الدنيا فينطلق معه المقربون إلى السماء الثانية، قال الأجلح : فقلت : وما المقربون قال : أقربهم إلى السماء الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة حتى ينتهى به إلى سدرة المنتهى، فقال الأجلح : فقلت للضحاك : ولم تسمى سدرة المنتهى قال : لأنه ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها فيقولون : رب عبدك فلان وهو أعلم به منهم فيبعث الله إليهم بصك مختوم بأمنه من العذاب وذلك قوله : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله : لفي عليين قال : الجنة وفي قوله : يشهده المقربون قال : كل أهل سماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : يشهده المقربون قال : هم مقربو أهل كل سماء إذا مر بهم عمل المؤمن شيعه مقربو أهل كل سماء حتى [ ص: 303 ] ينتهي العمل إلى السماء السابعة فيشهدون حتى يثبت السماء السابعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد من طريق خالد بن عرعرة وأبي عجيل أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله تعالى : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين الآية قال : إن المؤمن يحضره الموت ويحضره رسل ربه فلا هم يستطيعون أن يؤخروه ساعة ولا يعجلوه

                                                                                                                                                                                                                                      حتى تجيء ساعته فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة الرحمة فأروه ما شاء الله أن يروه من الخير ثم عرجوا بروحه إلى السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهوا به إلى السماء السابعة فيضعونه بين أيديهم ولا ينتظرون به صلاتكم عليه فيقولون : اللهم هذا عبدك فلان قبضنا نفسه فيدعون له بما شاء الله أن يدعوا فنحن نحب أن تشهدنا اليوم كتابه فينشر كتابه من تحت العرش فيثبتون اسمه فيه وهم شهود فذلك قوله : كتاب مرقوم يشهده المقربون وسأله عن قوله : إن كتاب الفجار لفي سجين الآية قال : إن العبد الكافر يحضره الموت ويحضره رسل الله فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة العذاب فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر ثم هبطوا به إلى الأرض السفلى وهي سجين وهي آخر سلطان إبليس فأثبتوا كتابه فيها وسأله عن سدرة المنتهى فقال : هي سدرة نابتة في السماء السابعة ثم علت فانتهى علم الخلائق إلى ما دونها و عندها جنة المأوى قال : جنة الشهداء .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 304 ] وأخرج عبد بن حميد عن عطاء بن يسار قال : لقيت رجلا من حمير كأن علامة يقرأ الكتب فقلت له : الأرض التي نحن عليها ما سكانها؟ قال : هي على صخرة خضراء تلك الصخرة على كف ملك، ذلك الملك قائم على ظهر حوت منطو بالسموات والأرض من تحت العرش، قلت : الأرض الثانية من سكانها؟ قال : سكانها الريح العقيم لما أراد الله أن يهلك عادا أوحى إلى خزنتها أن افتحوا عليهم منها بابا، قالوا : يا ربنا مثل منخر الثور قال : إذن تكفأ الأرض ومن عليها، فضيق ذلك حتى جعل مثل حلقة الخاتم فبلغت ما حدث الله، قلت : الأرض الثالثة من سكانها؟ قال : فيها حجارة جهنم، قلت : الأرض الرابعة من سكانها؟ قال : فيها كبريت جهنم، قلت : الأرض الخامسة من سكانها؟ قال : فيها عقارب جهنم، قلت : الأرض السادسة؟ قال : فيها حيات جهنم، قلت : الأرض السابعة من سكانها؟ قال : تلك سجين فيها إبليس موثوق يد أمامه ويد خلفه ورجل أمامه ورجل خلفه، كان يؤذي الملائكة فاستعدت عليه فسجن هنالك وله زمان يرسل فيه فإذا أرسل لم تكن فتنة الناس بأعيى عليهم من شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المبارك عن ضمرة بن حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد الله يستكثرونه ويزكونه حتى يبلغوا به إلى حيث يشاء الله من سلطانه فيوحي الله إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه، إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله [ ص: 305 ] فاجعلوه في سجين، ويصعدون بعمل العبد يستقلونه ويحقرونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء الله من سلطانه فيوحي الله إليهم أنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه، إن عبدي هذا أخلص لي عمله فاجعلوه في عليين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الضريس عن أم الدرداء قالت : إن درج الجنة على عدد آي القرآن وإنه يقال لصاحب القرآن اقرأ وارقه فإن كان قد قرأ ثلث القرآن كان على الثلث من درج الجنة وإن كان قد قرأ نصف القرآن كان على النصف من درج الجنة وإن كان قد قرأ القرآن كله كان في أعلى عليين ولم يكن فوقه أحد من الصديقين والشهداء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد وأبو داوود والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : إن لأهل عليين كوى [ ص: 306 ] يشرفون منها فإذا أشرف أحدهم أشرفت الجنة فيقول أهل الجنة قد أشرف رجل من أهل عليين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال : يرى في الجنة كهيئة البرق فيقال : ما هذا؟ قيل : رجل من أهل عليين تحول من غرفة إلى غرفة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية