الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم [53]

                                                                                                                                                                                                                                        وإن شئت حذفت الياء لأن النداء موضع حذف . ومن أجل ما روي فيه ما رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال : لما اجتمعنا على الهجرة اتعدت أنا وهشام بن العاصي بن وائل السهمي وعياش بن عتبة فقلنا الموعد أضاة غفر ، وقلنا من تأخر منا فقد حبس فأصبحت أنا وعياش بن عتبة بها ، ولم يواف هشام وإذا به قد فتن ففتن . وكنا نقول بالمدينة هؤلاء قوم قد عرفوا الله جل وعز وآمنوا به وبرسوله صلى الله عليه وسلم ثم افتتنوا ببلاء لحقهم لا نرى لهم توبة وكانوا هم أيضا يقولون هذا فأنزل الله جل وعز قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إلى آخر القصة . وروى عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان قوم من المشركين قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أو بعثوا إليه أن ما تدعونا إليه لحسن لو تخبرنا أن لنا توبة فأنزل الله جل وعز قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم إلى آخر الآيات ، قال عبد الله بن عمر : هذه أرجى آية في القرآن فرد عليه ابن عباس فقال : بل أرجى آية في القرآن وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم . وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن أسماء أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم) وفي مصحف ابن مسعود (إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء) وهاتان القراءتان على التفسير أي يغفر لمن يشاء ، وقد عرف الله جل وعز من يشاء [ ص: 17 ] أن يغفر له ، وهو التائب أو من عمل صغيرة ولم يكن له كبيرة ودل على أنه يريد التائب ما بعده .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية