الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3473 ) مسألة ; قال : ( وكذلك الجارية ، وإن لم تنكح ) يعني أن الجارية إذا بلغت ، وأونس رشدها بعد بلوغها ، دفع إليها مالها ، وزال الحجر عنها ، وإن لم تتزوج . وبهذا قال عطاء ، والثوري ، وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور ، وابن المنذر .

                                                                                                                                            ونقل أبو طالب ، عن أحمد لا يدفع إلى الجارية مالها بعد بلوغها ، حتى تتزوج وتلد ، أو يمضي عليها سنة في بيت الزوج . روي ذلك عن عمر ، وبه قال شريح ، والشعبي ، وإسحاق ; لما روي عن شريح أنه قال : عهد إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا أجيز لجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها حولا ، أو تلد ولدا . رواه سعيد في سننه ، ولا يعرف له مخالف ، فصار إجماعا . وقال مالك : لا يدفع إليها مالها حتى تتزوج ، ويدخل عليها زوجها ; لأن كل حالة جاز للأب تزويجها من غير إذنها ، لم ينفك عنها الحجر ، كالصغيرة .

                                                                                                                                            ولنا ، عموم قوله تعالى : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } . ولأنها يتيم بلغ وأونس منه الرشد ; فيدفع إليه ماله كالرجل ، ولأنها بالغة رشيدة ، فجاز لها التصرف في مالها ، كالتي دخل بها الزوج ، وحديث عمر إن صح ، فلم يعلم انتشاره في الصحابة ، ولا يترك به الكتاب والقياس ، على أن حديث عمر مختص بمنع العطية ، فلا يلزم منه المنع من تسليم مالها إليها ، ومنعها من سائر التصرفات ، ومالك لم يعمل به ، وإنما اعتمد على إجبار الأب لها على النكاح ، ولنا أن نمنع ذلك ، وإن سلمناه ، فإنما أجبرها على النكاح لأن اختيارها للنكاح ومصالحه لا يعلم إلا بمباشرته ، والبيع والشراء والمعاملات ممكنة قبل النكاح ، وعلى هذه الرواية ، إذا لم تتزوج أصلا احتمل أن يدوم الحجر عليها ، عملا بعموم حديث عمر ، ولأنه لم يوجد شرط دفع مالها إليها ، فلم يجز دفعه إليها ، كما لو لم ترشد .

                                                                                                                                            وقال القاضي : عندي أنه يدفع إليها مالها إذا عنست وبرزت للرجال ، يعني كبرت .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية