الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل اللهم مالك الملك [ 26 ]

                                                                                                                                                                                                                                        الفراء يذهب فيما يرى إلى أن الأصل في " اللهم " : يا الله أمنا منك بخير ، فلما كثر واختلط حذفوا منه ، وإن الضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت انتقلت . قال أبو جعفر : هذا عند البصريين من الخطإ العظيم ، حتى قال بعضهم : هذا إلحاد في اسم الله - عز وجل - . قال أبو جعفر : القول في هذا ما قاله الخليل وسيبويه : إن الأصل " يا الله " ، ثم جاؤوا بحرفين عوضا من حرفين ، وهما الميمان عوضا من " يا " ، والدليل على هذا : أنه ليس أحد من الفصحاء يقول : " يا اللهم " ؛ لأنهم لا يجمعون بين الشيء وعوضه ، والضمة التي في " اللهم " عندهما هي ضمة المنادى المرفوع . فأما قول الفراء : إن الأصل " يا الله أمنا " فلو كان كذا لوجب أن يقال : " اؤمم " ، وأن يدغم فيضم ويكسر ، وكان يجب أن تكون ألف وصل لا حكم لها ، وكان يجب أن يقال : " يا اللهم " ، وأيضا فكيف يصح المعنى أن يقال : " يا الله أمنا منك بخير " ؟ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وهذا لا يقدمه أحد بين [ ص: 365 ] يدي دعائه . مالك الملك منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان ، ولا يجوز أن يكون عنده صفة لقوله : " اللهم " من أجل الميم ، وخالفه محمد بن يزيد ، وإبراهيم بن السري في هذا ، وقالا : يجوز أن يكون صفة كما يكون صفة إذا جئت بيا . تؤتي الملك من تشاء روى محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : أن وفد نجران أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقرأ عليهم سورة آل عمران ، وفسر لهم من أولها إلى رأس الثمانين ، فقال : تؤتي الملك من تشاء " ملك النبوة " . قال ابن إسحاق : وكانوا نصارى ، فأعلم الله - جل وعز - بعنادهم وكفرهم ، وأن عيسى - صلى الله عليه وسلم - وإن كان الله - جل وعز - أعطاه آيات تدل على نبوته من إحياء الموتى وغير ذلك ؛ فإن الله - عز وجل - منفرد بهذه الأشياء من قوله :

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية