الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1423 [ ص: 291 ] ( 2 ) باب ما لا تقع فيه الشفعة

                                                                                                                        1387 - مالك ، عن محمد بن عمارة ، عن أبي بكر بن حزم ; أن [ ص: 292 ] عثمان بن عفان قال : إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها ، ولا [ ص: 293 ] [ ص: 294 ] شفعة في بئر ولا في فحل النخل . قال مالك : وعلى هذا ، الأمر عندنا .

                                                                                                                        31421 - قال مالك : ولا شفعة في طريق صلح القسم فيها أو لم يصلح .

                                                                                                                        31422 - قال مالك : والأمر عندنا أنه لا شفعة في عرصة دار صلح القسم فيها أو لم يصلح .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        31423 - قال أبو عمر : أما قول عثمان : إذا وقعت الحدود في الأرض ، فلا شفعة فيها ، فإنه ينفي الشفعة في ذلك للجار .

                                                                                                                        31424 - وقد تقدم القول في ذلك عند حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود في الأرض ، فلا شفعة ، ولا وجه لتكرار ما تقدم .

                                                                                                                        31425 - وأما قوله : ولا شفعة في بئر ، ولا في فحل نخل ، فذكر ابن [ ص: 295 ] عبد الحكم عن مالك ، قال : الحديث الذي جاء : لا شفعة في بئر ، إنما ذلك في بئر الأعراب .

                                                                                                                        31426 - فأما بئر الزرع ، والنخل ، ففي ذلك الشفعة إذا كان النخل لم يقسم ، فإن قسم الحائط وترك البئر ، فلا شفعة فيها .

                                                                                                                        31427 - وكذلك إذا قسمت بيوت الدار ، وكذلك إذا قسم الحائط وترك الفحل والفحلان للإبار وأكل الطلع ، إنه لا شفعة فيها .

                                                                                                                        31428 - وكذلك إذا قسمت بيوت الدار ، وتركت العرصة للارتفاق ، فباع أحد الشركاء نصيبه فيها ، فلا شفعة في ذلك .

                                                                                                                        31249 - قال أبو عمر : يريد بقوله " بئر الأعراب " : البئر التي في موات الأرض لسقي الماشية .

                                                                                                                        31430 - والمسقاة ليست بئرا يسقى بها شيء من الأرض ، والشجر .

                                                                                                                        31431 - وذكار الشجر حكمه عند مالك وأصحابه كحكم النخل .

                                                                                                                        31432 - وحكم العين عندهم كحكم البئر عندهم سواء ، إن كان لها بياض ، [ ص: 296 ] وزرع ونخل ، وبيع ذلك كله بيعا فيه شفعة دخلت العين في ذلك والبئر ، فإذا انفردت العين ، أو البئر بين الشركاء ، فلا شفعة فيها إذا باع أحدهم نصيبه منها .

                                                                                                                        31433 - وكذلك حكم الطرق ، والمرافق المتروكة للارتفاق ، لا شفعة فيها إلا أن تكون بيعا لما فيه شفعة من الأرض وتجمعها صفقة .

                                                                                                                        31434 - وأما الشافعي ، فإنه قال : لا شفعة في بئر ، لا بياض لها وكذلك إذا كان لها بياض ، ولا تحتمل القسمة .

                                                                                                                        31435 - ولا شفعة عنده إلا فيما تحتمله القسمة ، وتضرب فيه الحدود .

                                                                                                                        31436 - ولا شفعة عنده في طريق وإنما العرصة إذا احتملت القسمة ، وبيع منها شيء ، ففيه الشفعة عنده خلاف قول مالك .

                                                                                                                        31436 م - وسواء تركت للارتفاق أو لم تترك ، وإنما أصله أن كل ما كان من الأرضين يحتمل القسمة ، وضرب الحدود ، وكان مشاعا ، ففيه الشفعة .

                                                                                                                        31437 - وأما الكوفيون ، فالقياس على أصولهم ألا شفعة في بئر ، ولا فحل نخل .

                                                                                                                        [ ص: 297 ] 31438 - وأما العرصة فقياسهم أن فيها الشفعة ; لأنها من الأرض المحتملة للقسمة .

                                                                                                                        31439 - واختلف أصحاب مالك في النخلة المطعمة تكون بين الشريكين ، يبيع أحدهما حصته منها .

                                                                                                                        31440 - فذكر ابن القاسم ، عن مالك في " المدونة " أنه لا شفعة فيها .

                                                                                                                        31441 - قال أبو عمر : قاسها على فحل النخل ، والله أعلم .

                                                                                                                        31442 - وقال أشهب ، وعبد الله بن الماجشون ، وأصبغ بن الفرج ، ومحمد بن عبد الحكم : فيها الشفعة ، ذكرا كان أو أنثى .

                                                                                                                        31443 - قال أبو عمر : حجتهم في إيجاب الشفعة أن النخلة عندهم من جنس ما فيه الشفعة .

                                                                                                                        31444 - ولم يختلفوا في الحائط المثمر من الشجر ، وإن لم يكن فيه موضع لزراعة ، وكان مشاعا ، أن الشفعة فيما بيع منه .

                                                                                                                        31445 - وحكم النخلة الواحدة عندهم كحكم الحائط كله .

                                                                                                                        31446 - واختلفوا في هذا الباب في أشياء منها : الرحا .

                                                                                                                        [ ص: 298 ] 31447 - ففي " المدونة " قال ابن القاسم : الشفعة في الأرض ، ولا شفعة في الرحا ، كما أن بيعت منفردة دون شيء من الأرض لم تكن فيها شفعة .

                                                                                                                        31448 - وروى أبو زيد ، عن ابن القاسم مثل ذلك ، وقال : يقضي الثمن على الأرض والرحى ، وذكر أنه كالشقص يباع مع عبد .

                                                                                                                        31449 - وقال أشهب : للشريك الشفعة في جميع ذلك ، وقال : ألا ترى أن الشفعة تكون في رقيق الحائط ، فكيف بالرحى مع الأرض ؟ .

                                                                                                                        31450 - وبقول أشهب قال سحنون .

                                                                                                                        31451 - واختلفوا من ذلك في الأندر إذا باع أحد الشركاء نصيبه منه :

                                                                                                                        31452 - فذكر العتبي عن عبد الملك بن الحسن ، عن أشهب ، وابن وهب أن فيه الشفعة ، وهو كغيره من الأرضين .

                                                                                                                        31453 - وقال أشهب : لا شفعة في الأندر ، وكذلك الأقبية ، لا شفعة فيها إذا بيعت ، قال : والأندر عندي مثل الأقبية .

                                                                                                                        31454 - واختلفوا من ذلك أيضا في الحمام :

                                                                                                                        31455 - فقال مالك : فيه الشفعة .

                                                                                                                        [ ص: 299 ] 31456 - وقال ابن القاسم : لا شفعة فيه .

                                                                                                                        31457 - وقال إسماعيل بن إسحاق : روى ابن القاسم ، وابن أبي أويس ، عن مالك ; أن فيه الشفعة .

                                                                                                                        31458 - قال : وذكر أحمد بن المعذل عن عبد الملك ، عن مالك أنه لا شفعة فيه .

                                                                                                                        31459 - قال عبد الملك : وأنا أرى فيه الشفعة .

                                                                                                                        31460 - قال إسماعيل : وروى ابن القاسم أن الحمام يقسم .

                                                                                                                        31461 - قال أبو عمر : كان أحمد بن خالد ، ومحمد بن عمرو بن لبانة يفتيان في الشفعة للحمام .

                                                                                                                        31462 - واختلفوا في الثمرة تباع منفردة دون الأصل .

                                                                                                                        31463 - فقال مالك ، وابن القاسم ، وأشهب : فيها الشفعة ; لأنها تقسم بالحدود .

                                                                                                                        31464 - قال أبو عمر : على ما ذكرنا من مذاهبهم في قسمة الثمار في رءوس الأشجار .

                                                                                                                        [ ص: 300 ] 31465 - وروى أبو جعفر الدمياطي ، وعبد الملك أنهما كانا لا يريان فيها الشفعة .

                                                                                                                        31466 - واختلفوا أيضا في الشفعة في الكراء ، أو الدور ، والرباع ، والأرضين ، وفي المساقاة ، وفي الدين هل يكون المديان أحق بها ؟ .

                                                                                                                        31467 - وقد ذكرنا ذلك كله في كتاب اختلافهم .

                                                                                                                        31468 - وحديث ابن شهاب ينفي الشفعة ، ويسقطها إلا في المشاع من الأرضين ، والرباع حيث يمكن ضرب الحدود ، وتصريف الطرق ، وهذا هو الصحيح ، وبالله التوفيق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية