الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شعيب وأصحاب الأيكة

                                                          كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين [ ص: 5401 ] واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم

                                                          " الأيك " : الشجر الملتف؛ واحده: " أيكة " ؛ والمراد أصحاب الشجر الملتف الذي صار أيكة يعاش في ظلها؛ ونرى سيدنا شعيبا؛ نبي الله؛ أحيانا يذكر أنه بعث إلى مدين؛ قومه؛ وأحيانا يذكر أنه بعث لأصحاب الأيكة؛ ويظهر أن المؤدى واحد؛ لأن مدين كانت تسكن حول هذه الأشجار الملتفة؛ فهي منتفع بها؛ وذكرت الأيكة دون مدين لأنها موضع نعمتهم؛ وقال بعض المفسرين: إنه بعث إلى أمتين؛ مدين؛ وأصحاب الأيكة؛ وإني أميل إلى الأول؛ وهو الأوضح؛ الذي يسبق إلى الذهن.

                                                          والآيات الخمس؛ من قوله تعالي: كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ؛ قلنا من قبل: إن هذه الآيات تصور وحدة الشرك في أنه لا يؤمن بالرسالة الإلهية؛ وأنهم ينكرون أن يكون الرسول بشرا؛ كما يبدو من جحودهم؛ وأن الرسول يكون منهم؛ وأنه معروف فيهم بالأمانة والصدق؛ وأنه كان محل صدق عندهم؛ لا يكذبونه؛ وأنه بهذه الأمانة والثقة والإرسال من الله (تعالى) يدعوهم؛ وأنه لا يطلب جاها ولا مالا؛ ولا ملكا؛ وإنما يطلب الجزاء والرضا من الله [ ص: 5402 ] (تعالى): إن أجري إلا على رب العالمين ؛ أي ليس أجرا إلا ما يكون من الله (تعالى)؛ بثواب من عنده؛ ورضا من لدنه؛ وهو أكبر من كل جزاء.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية