الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 299 ] أبو جعفر بن حمدان

                                                                                      الإمام الحافظ الزاهد القدوة ، المجاب الدعوة ، شيخ الإسلام أبو جعفر ، أحمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري النيسابوري ، والد الشيخين : أبي العباس محمد ، وأبي عمرو محمد .

                                                                                      مولده في حدود الأربعين ومائتين أو قبل ذلك .

                                                                                      وسمع أحمد بن الأزهر ، وعبد الله بن هاشم الطوسي ، وعبد الرحمن بن بشر ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، فمن بعدهم ببلده ، وارتحل وحج ، وأخذ عن : أبي يحيى بن أبي ميسرة ، وأبي عمرو بن أبي غرزة الغفاري ، وإسماعيل القاضي ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، والحسن بن علي بن زياد ، ومعاذ بن نجدة ، وأمثالهم .

                                                                                      وارتحل بولده أبي العباس إلى محمد بن أيوب البجلي وغيره ، ثم ارتحل بابنه أبي عمرو إلى الحسن بن سفيان وأقرانه وصنف " الصحيح " المستخرج على " صحيح مسلم " ، وكان من أوعية العلم .

                                                                                      حدث عنه : أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري الزاهد ، وأبو علي الحسين بن علي الحافظ ، وعبد الله بن سعد ، وأبو الوليد حسان بن محمد ، وأبو العباس بن عقدة ، وابناه ، وطائفة .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول : لما بلغ أبي من [ ص: 300 ] كتاب مسلم إلى حديث محمد بن عباد ، عن سفيان : يسرا ولا تعسرا لم يجده عند أحد عن ابن عباد ، فقيل له : هو عند أبي يعلى الموصلي ، عن ابن عباد : فرحل إليه قاصدا من نيسابور لسماع هذا الحديث .

                                                                                      قلت : ورحل لأجل ولديه ، قال : وخرج أبي -على كبر السن- إلى جرجان ليسمع من عمران بن موسى بن مجاشع حديث سويد بن سعيد ، عن حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : بينما الناس في صلاة الصبح إذ أتاهم آت . . . وذكر الحديث ، وسمعته مع أبي .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت أبا عمرو ، سمعت أبي يقول : كل ما قال البخاري : قال لي فلان . فهو مناولة وعرض .

                                                                                      وسمعت أبا عمرو يقول : كان أبي يحيي الليل .

                                                                                      [ ص: 301 ] الحاكم : سمعت أبا سعيد الشعيبي ، سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول : عرضت هذا الحديث -يعني الحديث الذي أسنده بعد- على ابن عقدة فقال : حدثناه شيخ طوال يقال له : ابن سنان . فقلت : ذاك أبي .

                                                                                      أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله في سنة أربع وتسعين ، عن عبد المعز بن محمد الهروي : أخبرنا زاهر بن طاهر في سنة سبع وعشرين وخمسمائة ، أخبرنا أبو سعد الكنجرودي ، أخبرنا أبو عمرو الحيري ، حدثني أبي أبو جعفر ، حدثنا أحمد بن الأزهر بن منيع ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : طلقت امرأتي وهي حائض ، فسأل عن ذلك عمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : مره فليراجعها حتى تطهر ، ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ، ثم يطلقها قبل أن يمسها إن شاء أو يمسكها ، فإن تلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء رواه الحاكم ، عن أبي عمرو الحيري ، فوافقناه بعلو .

                                                                                      [ ص: 302 ] وبه : قال : أخبرني أبي أبو جعفر : حدثنا عبد الله بن هاشم ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان .

                                                                                      وبه : قال : وأخبرنا الحسن بن سفيان ، حدثنا عباس النرسي ، حدثنا القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير اسم عاصية وقال : أنت جميلة .

                                                                                      وبه : قال : أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي ، حدثنا أبو قدامة ، حدثنا يحيى القطان بهذا . خرجه مسلم عن أبي قدامة السرخسي .

                                                                                      قال أبو عبد الرحمن السلمي : صحب الشيخ أبو جعفر أبا حفص النيسابوري ، والشاه بن شجاع . وكان الجنيد يكاتبه ، وكان أبو عثمان الحيري يقول : من أحب أن ينظر إلى سبل الخائفين فلينظر إلى أبي جعفر .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت أبا عمرو يقول : توفي أبي في سنة إحدى عشرة [ ص: 303 ] وثلاثمائة قبل ابن خزيمة بأيام ، وكان أبي يختلف مع أبي عثمان إلى أبي حفص النيسابوري مدة .

                                                                                      قلت : مات ابن خزيمة في ثاني ذي القعدة من سنة إحدى عشرة وثلاثمائة ، وقد كان الإمام أبو جعفر ذكره يملأ الفم . خلف ولدين مشهورين : أبا العباس بن حمدان - شيخ خوارزم ، ومسند نيسابور أبا عمرو بن حمدان .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية