الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ؛ قيل لهم هذا بعد أن ثبت عليهم أمر التوحيد؛ وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فوعدوا بالعذاب إن لم يؤمنوا بعد ثبوت الحجة عليهم؛ وجزم " لم تفعلوا " ؛ لأن " لم " ؛ أحدثت في الفعل المستقبل معنى المضي؛ فجزمته؛ وكل حرف لزم الفعل؛ فأحدث فيه معنى؛ فله فيه من الإعراب على قسط معناه؛ فإن كان ذلك الحرف " أن " ؛ وأخواتها؛ نحو: " لن تفعلوا " ؛ و " يريدون أن يطفئوا " ؛ فهو نصب لأن " أن " ؛ وما بعده؛ بمنزلة الاسم؛ فقد ضارعت " أن " ؛ الخفيفة؛ " أن " ؛ المشددة؛ وما بعدها؛ لأنك إذا قلت: " ظننت أنك قائم " ؛ فمعناه: ظننت قيامك؛ وإذا قلت: " أرجو أن تقوم " ؛ فمعناه: أرجو قيامك؛ فمعنى " أن " ؛ وما عملت فيه؛ كمعنى " أن " ؛ المشددة؛ وما [ ص: 101 ] عملت فيه؛ فلذلك نصبت " أن " ؛ وجزمت " لم " ؛ لأن ما بعدها خرج من تأويل الاسم؛ وكذلك هي وما بعدها؛ يخرجان من تأويل الاسم. وقوله - عز وجل -: التي وقودها الناس والحجارة ؛ عرفوا عذاب الله - عز وجل - بأشد الأشياء التي يعرفونها؛ لأنه لا شيء في الدنيا أبلغ فيما يؤلم من النار؛ فقيل لهم: إن عذاب الله من أشد الأجناس التي يعرفونها؛ إلا أنه من هذا الشديد الذي يعرفونه؛ ويقال: إن الحجارة هنا تفسيرها حجارة الكبريت؛ وقوله: " وقودها " ؛ الوقود هو الحطب؛ وكل ما أوقد به فهو وقود؛ ويقال: " هذا وقودك " ؛ ويقال: " قد وقدت النار وقودا " ؛ فالمصدر مضموم؛ ويجوز فيه الفتح؛ وقد روي: " وقدت النار وقودا " ؛ و " قبلت الشيء قبولا " ؛ فقد جاء في المصدر " فعول " ؛ والباب الضم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية