الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ولو نـزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ؛ الواو عاطفة على فعل [مقدر]؛ وسياق القول الحكيم: أينكرون؛ ولم يكن لهم آية تدل على الصدق أن يعلمه علماء بني إسرائيل وهم أهل علم بالكتاب؟! والضمير يعود إلى القرآن في " يعلمه " ؛ أي: إذا كنتم مدعين جهلكم؛ أولم تكن عندكم دلالة على الصدق أن يعلم خبره علماء بني إسرائيل؛ وما كفروا به إلا عنادا وطغيانا؛ أو نقول كما قال بعض التابعين: المراد من علماء بني إسرائيل ؛ العدول؛ الذين آمنوا؛ واهتدوا؛ كعبد الله بن سلام؛ وقيل: وسلمان الفارسي؛ وابن عباس اختار التعميم؛ حتى يشمل من آمن؛ ومن لم يؤمن؛ وقد قال (تعالى) - في بني إسرائيل -: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما [ ص: 5410 ] أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين

                                                          فهم كانوا يعلمون القرآن؛ ومحمدا؛ وكانوا يستفتحون به جيرانهم من أهل المدينة الذين كانوا يشركون؛ وقيل: إن الضمير في " أن يعلمه " ؛ يعود على محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ولكن الأظهر هو ما قررنا.

                                                          أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ولو نـزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ؛ الضمير يعود على القرآن الكريم؛ لو نزله الله على بعض الأعجمين الذين لا يعرفون العربية؛ لكان أعجميا بغير العربية؛ فقرأه عليهم بالأعجمية؛ ما فهموه؛ وما آمنوا به؛ واستمر عدم إيمانهم به؛ وتقديم الجار والمجرور " به " ؛ على متعلقه؛ لبيان أهمية عدم الإيمان؛ وإن عدم الإيمان لسببين؛ أولهما: أنه جاء من رجل أجنبي عنهم؛ ومن نعم الله أن كان الرسول منهم؛ كما قال (تعالى): لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ؛ الثاني: أنه لا ينزل عليهم بالعربية؛ فلا يفهمون؛ كما قال (تعالى): ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية