الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ( 49 ) )

يقول تعالى ذكره : ولله يخضع ويستسلم لأمره ما في السماوات وما في الأرض من دابة يدب عليها ، والملائكة التي في السماوات ، وهم لا يستكبرون عن التذلل له بالطاعة ( فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) وظلالهم تتفيأ عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون .

وكان بعض نحويي البصرة يقول : اجتزئ بذكر الواحد من الدواب عن ذكر الجميع . وإنما معنى الكلام : ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من الدواب والملائكة ، كما يقال : ما أتاني من رجل ، بمعنى : ما أتاني من الرجال .

[ ص: 220 ] وكان بعض نحويي الكوفة يقول : إنما قيل : من دابة ، لأن "ما" وإن كانت قد تكون على مذهب الذي ، فإنها غير مؤقتة ، فإذا أبهمت غير مؤقتة أشبهت الجزاء ، والجزاء يدخل من فيما جاء من اسم بعده من النكرة ، فيقال : من ضربه من رجل فاضربوه ، ولا تسقط "من" من هذا الموضع كراهية أن تشبه أن تكون حالا لمن و ما ، فجعلوه بمن ليدل على أنه تفسير لما ومن لأنهما غير مؤقتتين ، فكان دخول من فيما بعدهما تفسيرا لمعناهما ، وكان دخول من أدل على ما لم يوقت من من وما ، فلذلك لم تلغيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية