الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلما أساء الأدب ، [فاشتد تشوف السامع إلى معرفة جوابه عنه ، استأنف تعالى الإخبار بذلك ، فحكى أنه] ذكر له ما لا يمكنه أن يدعي طاعته له ، [وهو أكثر تغيرا وأعجب تنقلا] بأن قال رب المشرق والمغرب أي : الشروق والغروب ووقتهما وموضعهما وما بينهما أي : من الناس الذين ليسوا في طاعتكم ، والحيوان والجماد ، بسبب ما ترون من قدرته على تقليب النيرات من بزوغ الشمس والقمر والنجوم وأفولها [وما يظهر عنهما من الليل والنهار] على تصاريف مختلفة ، وحركات متقاربة [ ص: 27 ] لولا هي لما علمتم شيئا من أموركم ، ولا تمكنتم من أحوالكم ، وهذا الدليل أبين الكل لتكرر الحركة فيه وغير ذلك من معالمه ، ولذلك بهت نمرود لما ألقاه عليه الخليل عليه الصلاة والسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما [دعاه صلى الله عليه وسلم باللين] فأساء الأدب عليه في الجواب الماضي ، ختم هذا البرهان بقوله : إن كنتم تعقلون أي : فأنتم تعلمون ذلك ، فخيرهم بين الإقرار بالجنون أو العقل ، بما أشار إليه من الأدلة في مقابلة ما نسبوه إليه من الجنون بسكوتهم وقول عظيمهم بغير شبهة ، ردا لهم عن الضلالة ، وإنقاذا من واضح الجهالة ، [فكان قوله أنكأ مع أنه ألطف ، وأوضح مع أنه أستر وأشرف].

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية