الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أبو داود ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "سننه" عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية قالت : طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للمطلقة عدة، فأنزل الله حين طلقت العدة للطلاق : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء فكانت أول من أنزلت فيها العدة للطلاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قال : كان أهل الجاهلية يطلق أحدهم ليس لذلك عدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، والنسائي ، وابن المنذر ، عن ابن عباس والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر [الطلاق : 4 ]، فنسخ واستثنى وقال من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها [ ص: 649 ] وأخرج مالك ، والشافعي، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في ((ناسخه))، والدارقطني ، والبيهقي في ((السنن )) عن عائشة قالت : إنما الأقراء الأطهار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والشافعي، والبيهقي من طريق ابن شهاب، عن عروة ، عن عائشة ، أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة ، قال ابن شهاب : فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن، فقالت : صدق عروة، وقد جادلها في ذلك ناس قالوا : إن الله يقول : ثلاثة قروء فقالت عائشة : صدقتم، وهل تدرون ما الأقراء؟ الأقراء الأطهار ، قال ابن شهاب : سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول : ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا -يريد الذي قالت عائشة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، والبيهقي ، عن ابن عمر وزيد بن ثابت قالا : الأقراء الأطهار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي عن عمرو بن دينار قال : الأقراء الحيض عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، والبيهقي ، عن ابن عباس في قوله : ثلاثة قروء [ ص: 650 ] قال : ثلاث حيض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد في قوله : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قال : حيض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء فجعل عدة الطلاق ثلاث حيض، ثم إنه نسخ منها المطلقة التي طلقت ولم يدخل بها زوجها، فقال في سورة ((الأحزاب)) : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فهذه تزوج إن شاءت من يومها ، وقد نسخ من الثلاثة فقال : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فهذه العجوز التي لا تحيض، والتي لن تحيض، فعدتهن ثلاثة أشهر، وليس الحيض من أمرها في شيء، ونسخ من الثلاثة قروء الحامل فقال : أجلهن أن يضعن حملهن فهذه ليست من القروء في شيء، إنما أجلها أن تضع حملها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والشافعي، وعبد الرزاق في ((المصنف )) ، وعبد بن حميد ، والبيهقي من طريق عروة وعمرة عن عائشة قالت : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج ، قالت عمرة : وكانت عائشة تقول : إنما القرء الطهر وليس بالحيضة [ ص: 651 ] وأخرج مالك ، والشافعي، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، والبيهقي ، عن زيد بن ثابت قال : إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والشافعي، والبيهقي ، عن ابن عمر قال : إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، والبيهقي ، عن علقمة ، أن رجلا طلق امرأته ثم تركها حتى إذا مضت حيضتان والثالثة أتاها وقد قعدت في مغتسلها لتغتسل من الثالثة، فأتاها زوجها فقال : قد راجعتك، قد راجعتك ثلاثا ، فأتيا عمر بن الخطاب فقال عمر لابن مسعود وهو إلى جنبه : ما تقول فيها؟ قال : أرى أنه أحق بها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة ، فقال عمر : وأنا أرى ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال : تحل لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل للأزواج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والبيهقي ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال : [ ص: 652 ] أرسل عثمان بن عفان إلى أبي يسأله عن رجل طلق امرأته ثم راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة، قال أبي : كيف يفتي منافق؟ فقال عثمان : نعيذك بالله أن تكون منافقا، ونعوذ بالله أن نسميك منافقا ونعيذك بالله أن يكون منك هذا في الإسلام ثم تموت ولم تبينه ، قال : فإني أرى أنه أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي من طريق الحسن ، عن عمر وعبد الله وأبي موسى في الرجل يطلق امرأته فتحيض ثلاث حيض فيراجعها قبل أن تغتسل، قال : هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن أبي موسى قال هو أحق بها ما لم تغتسل

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، عن الحسن قال : تعتد بالحيض وإن كانت لا تحيض في السنة إلا مرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والشافعي عن محمد بن يحيى بن حبان أنه كان عند جده هاشمية وأنصارية، فطلق الأنصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض، فقالت : أنا أرثه ولم أحض ، فاختصموا إلى عثمان، فقضى للأنصارية بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان، فقال : هذا عمل ابن عمك، هو [ ص: 653 ] أشار علينا بهذا، يعني علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن ابن عمر قال : إذا طلقها وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، عن عكرمة قال : الأقراء الحيض ليس بالطهر ، قال الله تعالى : فطلقوهن لعدتهن ولم يقل لقروئهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي، عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن رجلا من الأنصار يقال له : حبان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته، فمكثت سبعة عشر شهرا لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض، ثم مرض حبان فقلت له : إن امرأتك تريد أن ترث، فقال لأهله : احملوني إلى عثمان، فحملوه إليه، فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت، فقال لهما عثمان : ما تريان؟ فقالا : نرى أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت، فإنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسن من المحيض، وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغن المحيض، ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير ، فرجع حبان إلى أهله وأخذ ابنته، فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة، ثم حاضت حيضة أخرى، ثم توفي حبان قبل أن [ ص: 654 ] تحيض الثالثة، فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها وورثته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، والترمذي ، وابن ماجه ، والدارقطني ، والحاكم وصححه، والبيهقي ، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان))، وفي لفظ ((وعدتها حيضتان)) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه، والبيهقي من حديث ابن عمر مرفوعا ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والبيهقي ، عن زيد بن ثابت قال : الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والبيهقي ، عن علي ، وابن مسعود ، وابن عباس قالوا : الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال : الطلاق للرجال، والعدة للنساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب قال : عدة المستحاضة سنة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية