الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          رأى من النملة ما رأى؛ وكان بعد ذلك الطير؛ وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ؛ يظهر أنه كان عند طائفة من الطير يتعهدها؛ ويسألها عن مآل أمرها؛ [ ص: 5446 ] فتفقدها بتعرف حالها؛ فلم يجد من بينها الهدهد؛ وسأل عنه؛ وهذا قوله (تعالى) - عنه -: وتفقد الطير ؛ أي: تعهدها؛ وتعرفها؛ وتعرف حالها؛ فلم يجد الهدهد؛ فقال - متعجبا -: ما لي لا أرى الهدهد ؛ وكان حفيا بأن يعرف؛ ويسأل: ما لي لا أرى الهدهد؟ أهو غائب عن عيني؛ متخف بين إخوانه من الطير؛ أم كان من الغائبين ؛ بأن كان غائبا عن جماعة الطير التي كانت في حوزته؛ وتحت قبضته؟ وإن له عقابا؛ لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ؛ فـ " أو " ؛ لبيان تنوع المعاملة؛ بتنوع الحال؛ مثل قوله (تعالى) - لذي القرنين -: إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا ؛ فإذا كان قد غاب مستهينا؛ مستهترا؛ فإني أعذبه عذابا شديدا؛ وإن كان متمردا فإني أذبحه؛ وأكد العذاب والتذبيح بما يشبه القسم؛ وباللام؛ وبنون التوكيد الثقيلة؛ وإن كان غائبا لحاجة؛ فليأتيني بسلطان مبين؛ أي بحجة بينة مبينة لأمر جديد.

                                                          والفاء في قوله (تعالى): فقال ؛ هي فاء الإفصاح؛ أي: " إذ تعهد الطير؛ لم يجد الهدهد؛ وإذ لم يجده فقال " ؛

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية