الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب سكنى المطلقات ونفقاتهن .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } الآية وقال عز ذكره في المطلقات { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فذكر الله عز وجل المطلقات جملة لم يخصص منهن مطلقة دون مطلقة فجعل على أزواجهن أن يسكنوهن من [ ص: 251 ] وجدهن وحرم عليهم أن يخرجوهن وعليهن أن لا يخرجن إلا بفاحشة مبينة فيحل إخراجهن ، فكان من خوطب بهذه الآية من الأزواج يحتمل أن إخراج الزوج امرأته المطلقة من بيتها منعها السكنى لأن الساكن إذا قيل أخرج من مسكنه فإنما قيل منه مسكنه وكما كان كذلك إخراجه إياها وكذلك خروجها بامتناعها من السكن فيه وسكنها في غيره فكان هذا الخروج المحرم على الزوج والزوجة رضيا بالخروج معا أو سخطاه معا أو رضي به أحدهما دون الآخر فليس للمرأة الخروج ولا للرجل إخراجها إلا في الموضع الذي استثنى الله عز ذكره من أن تأتي بفاحشة مبينة وفي العذر فكان فيما أوجب الله تعالى على الزوج والمرأة من هذا تعبدا لهما ، وقد يحتمل مع التعبد أن يكون لتحصين فرج المرأة في العدة وولد إن كان بها والله تعالى أعلم .

( قال ) ويحتمل أمر الله عز وجل بإسكانهن وأن لا يخرجن ولا يخرجن مع ما وصفت أن لا يخرجن بحال ليلا ولا نهارا ولا لمعنى إلا معنى عذر ، وقد ذهب بعض من ينسب إلى العلم في المطلقة هذا المذهب فقال لا يخرجن ليلا ولا نهارا بحال إلا من عذر .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولو فعلت هذا كان أحب إلي وكان احتياطا لا يبقى في القلب معه شيء ، وإنما منعنا من إيجاب هذا عليها مع احتمال الآية لما ذهبنا إليه من إيجابه على ما قال ما وصفنا من احتمال الآيات قبل لما وصفنا ، وأن عبد المجيد أخبرنا عن ابن جريج : قال أخبرنا أبو الزبير عن { جابر قال طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلا لها فزجرها رجل أن تخرج فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بلى فجدي نخلك لعلك أن تصدقي أو تفعلي معروفا } .

( قال الشافعي ) نخل الأنصار قريب من منازلهم والجداد إنما تكون نهارا .

( قال الشافعي ) أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني إسماعيل بن كثير عن مجاهد قال { استشهد رجال يوم أحد فآم نساؤهم وكن متجاورات في دار فجئن النبي صلى الله عليه وسلم فقلن يا رسول الله : إنا نستوحش بالليل أفنبيت عند أحدنا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها } .

( قال الشافعي ) أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن عبيد الله أنه كان يقول لا يصلح للمرأة أن تبيت ليلة واحدة إذا كانت في عدة وفاة أو طلاق إلا في بيتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية