الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الطيب عند الإحرام

                                                                      1745 حدثنا القعنبي عن مالك ح و حدثنا أحمد بن يونس حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولإحلاله قبل أن يطوف بالبيت

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( كنت أطيب ) : أي أعطر ( لإحرامه ) : أي لأجل دخوله في الإحرام أو لأجل إحرام حجه ( ولإحلاله ) : أي لخروجه من الإحرام وهو الإحلال الذي يحل به كل محظور وهو طواف الزيارة ويقال له طواف الإفاضة وقد كان حل بعض الإحلال وهو بالرمي الذي يحل به الطيب وغيره ولا يمنع بعده إلا من النساء وظاهر هذا أنه قد فعل الحلق والرمي وبقي الطواف كذا في السبل ( قبل أن يطوف بالبيت ) : أي طواف الإفاضة وهو متعلق بحله وفيه دليل على أن الطيب يحل بالتحلل الأول خلافا لمن ألحقه بالجماع قاله في المرقاة .

                                                                      [ ص: 130 ] وقال في سبل السلام فيه دليل على استحباب التطيب عند إرادة فعل الإحرام وجواز استدامته بعد الإحرام وأنه لا يضر بقاء لونه وريحه وإنما يحرم ابتداؤه في حال الإحرام وإلى هذا ذهب جماهير الأمة من الصحابة والتابعين وذهب جماعة منهم إلى خلافه وتكلفوا لهذه الرواية ونحوها بما لا يتم به مدعاهم فإنهم قالوا إنه صلى الله عليه وسلم تطيب ثم اغتسل بعده فذهب الطيب . قال النووي في شرح مسلم بعد ذكره الصواب ما قاله من أنه يستحب الطيب للإحرام لقولها لإحرامه . ومنهم من زعم أن ذلك خاص به صلى الله عليه وآله وسلم ولا يتم ثبوت الخصوصية إلا بدليل عليها بل الدليل قائم على خلافها وهو ما ثبت من حديث عائشة كنا ننضح وجوهنا بالطيب المسك قبل أن نحرم فنعرق فنغسل وجوهنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينهانا رواه أبو داود وأحمد بلفظ كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة فنضمخ جباهنا بالمسك الطيب عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينهانا ولا يقال هذا خاص بالنساء لأن الرجال والنساء في الطيب سواء بالإجماع والطيب يحرم بعد الإحرام لا قبله وإن دام حاله فإنه كالنكاح لأنه من دواعيه والنكاح إنما يمنع المحرم من ابتدائه لا من استدامته فكذلك الطيب ولأن الطيب من النظافة من حيث إنه يقصد به دفع الرائحة الكريهة كما قصد بالنظافة إزالة ما يجمعه الشعر والظفر من الوسخ ولذا استحب أن يأخذ قبل الإحرام من شعره وأظفاره لكونه ممنوعا منه بعد الإحرام وإن بقي أثره بعده .

                                                                      أما حديث مسلم في الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف يصنع في عمرته وكذا الرجل قد أحرم وهو متضمخ بالطيب فقال صلى الله عليه وآله وسلم أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات الحديث أجيب عنه بأن هذا السؤال والجواب كانا بالجعرانة في ذي القعدة سنة ثمان وقد حج صلى الله عليه وآله وسلم سنة عشر واستدام الطيب قائما يؤخذ بالآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه يكون ناسخا للأول انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية