الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 115 ] 14 - باب القضاء في جامع الرهون

                                                                                                                        1406 - قال مالك : فيمن ارتهن متاعا فهلك المتاع عند المرتهن . وأقر الذي عليه الحق بتسمية الحق . واجتمعا على التسمية . وتداعيا في الرهن . فقال الراهن : قيمته عشرون دينارا . وقال المرتهن : قيمته عشرة دنانير . والحق الذي للرجل فيه عشرون دينارا . قال مالك : يقال للذي بيده الرهن : صفه . فإذا وصفه ، أحلف عليه . ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها . فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن : اردد إلى الراهن بقية حقه . وإن كانت القيمة أقل مما رهن به ، أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن ، وإن كانت القيمة بقدر حقه ، فالرهن بما فيه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        32048 - قال أبو عمر : هذا كله من قوله على أصله فيما يغاب عليه من الرهون أنه على المرتهن مضمون ، فلما كان مضمونا عليه ، وكان له دينه الذي اتفقا على تسميته ، ثم اختلفا في قيمة الرهن وهو تالف قد ضاع ، وأصله أن القول في صفة الرهن قول المرتهن ; لأنه كان بيده وثيقة بدينه ، فصار مدعى عليه فيما لا يقر به من قيمته ، فوجبت اليمين عليه في صفته ، ثم ضمن تلك الصفة وترادا الفضل في ذلك ; لأنهما قد اتفقا على تسمية الدين ، ولو اختلفا في مبلغ الدين كان القول فيما زاد على الرهن قول الراهن ; لأنه مدعى عليه .

                                                                                                                        [ ص: 116 ] 32049 - وأما الشافعي ، فالرهن عنده أمانة على ما قدمنا ذكره عنهم ومن قال كقوله فلا يضر المرتهن إلى هلاكه ودينه ، فإن على الراهن بماله ، فإن اتفقا على مبلغ الدين ، لزم الراهن الخروج عنه والأداء إلى المرتهن ، وإن اختلفا ، فالمرتهن مدع فإن لم تقم له بينة ، فالقول قول الراهن مع يمينه حينئذ ; لأنه مدعى عليه ، وهذا كله بين لا إشكال فيه .

                                                                                                                        32050 - وأما أبو حنيفة ، فالرهن عنده بما فيه إذا هلك ، وكانت قيمته كالدين أو أكثر ، وإن كانت قيمته أقل رجع المرتهن على الراهن بتمام دينه .

                                                                                                                        وبكل قول من هذه الأقوال قال جماعة من السلف قد ذكرناهم فيما مضى ، والحمد لله كثيرا .




                                                                                                                        الخدمات العلمية