الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                [ ص: 314 ] 1914 ص: باب: صلاة الكسوف كيف هي؟

                                                التالي السابق


                                                ش: أي هذا باب في بيان صلاة الكسوف كيف صفتها؟

                                                روى جماعة أن الكسوف يكون في الشمس والقمر، وروى جماعة فيهما بالخاء، وروى جماعة في الشمس بالكاف وفي القمر بالخاء، والكثير في اللغة -وهو اختيار الفراء-: أن يكون الكسوف للشمس والخسوف للقمر، فيقال: كسفت الشمس وكسفها الله وانكسفت وخسف القمر وخسفه الله، وانخسف وذكر ثعلب في "الفصيح" انكسفت الشمس وخسف القمر أجود الكلام. وفي "التهذيب" لأبي منصور: خسف القمر وخسفت الشمس إذا ذهب ضوؤها. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: خسف القمر وكسف واحد: ذهب ضوؤه. وقيل: الكسوف أن يكسف ببعضها، والخسوف أن يخسف بكلها، قال الله تعالى: فخسفنا به وبداره الأرض

                                                وقال شمر: الكسوف في الوجه الصفرة والتغير.

                                                وقال ابن حبيب في "شرح الموطأ": الكسوف تغير اللون، والخسوف انخسافهما، وكذلك تقول في عين الأعور إذا انخسفت وغارت في جفن العين وذهب نورها وضياؤها.

                                                وفي "نوادر اليزيدي" و"الغريبين": انكسفت الشمس، وأنكر ذلك القزاز والجوهري، قال القزاز: كسفت الشمس والقمر تكسف كسوفا فهي كاسفة وكسفت فهي مكسوفة وقوم يقولون: انكسفت، وهو غلط.

                                                وقال الجوهري: العامة تقول: انكسفت، وفي "المحكم": كسفها الله وأكسفها، والأولى أعلى، والقمر كالشمس.

                                                [ ص: 315 ] وقال اليزيدي: خسف القمر وهو يخسف خسوفا فهو خسف وخسيف وخاسف وانخسف انخسافا قال: وانخسف أكثر في ألسنة الناس.

                                                وفي "شرح الفصيح" لأبي العباس أحمد بن عبد الجليل: كسفت الشمس أي اسودت في رأي العين من ستر القمر إياها عن الأبصار، وبعضهم يقول: كسفت على ما لم يسم فاعله، وانكسفت.

                                                وعن أبي حاتم: إذا ذهب ضوء بعض الشمس لخفاء بعض جرمها فذلك الكسوف.

                                                وزعم ابن التين وغيره أن بعض اللغويين قال: لا يقال في الشمس إلا: كسفت، وفي القمر إلا خسف، وذكر هذا عن عروة بن الزبير أيضا.

                                                وحكى عياض عن بعض أهل اللغة عكسه وكأنه غير جيد; لقوله تعالى: وخسف القمر

                                                وعند ابن طريف: كسفت الشمس والقمر والنجوم والوجوه كسوفا، وفي "المغيث" لأبي موسى: روى حديث الكسوف علي وابن مسعود وأبي بن كعب وسمرة وعبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو والمغيرة وأبو هريرة وأبو بكرة وأبو شريح الكعبي والنعمان بن بشير وقبيصة الهلالي - رضي الله عنهم - جميعا: بالكاف، ورواه أبو موسى وأسماء وعبيد الله بن عدي بن الخيار: بالخاء. وروي عن جابر وابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم - باللفظين جميعا، كلهم حكوا عن النبي - عليه السلام - "لا ينكسفان" بالكاف، فسمي كسوف الشمس والقمر كسوفا.

                                                قلت: أغفل حديث أبي مسعود من عند البخاري "لا ينكسفان". والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية