الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1443 [ ص: 125 ] 16 - باب القضاء في المستكرهة من النساء

                                                                                                                        1408 - مالك عن ابن شهاب ; أن عبد الملك بن مروان قضى ، في امرأة أصيبت مستكرهة ، بصداقها على من فعل ذلك بها .

                                                                                                                        32080 - قال يحيى : سمعت مالكا يقول : الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة ; بكرا كانت أو ثيبا . إنها إن كانت حرة فعليه صداق مثلها . وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها . والعقوبة في ذلك على المغتصب . ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله وإن كان المغتصب عبدا ، فذلك على سيده . إلا أن يشاء أن يسلمه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        32081 - قال أبو عمر : قوله : والعقوبة في ذلك على المغتصب ، قد رواه القعنبي كما رواه يحيى ، ولم يروه ابن بكير ، ولا ابن القاسم ، ولا مطرف .

                                                                                                                        32082 - ورووا كلهم - ولا عقوبة في ذلك على المغتصبة - إلا القعنبي فلم يروه .

                                                                                                                        32083 - وقد أجمع العلماء على أن على المستكره المغتصب الحد إن شهدت البينة عليه بما يوجب الحد ، أو أقر بذلك ، فإن لم يكن ، فعليه العقوبة ، ولا عقوبة عليها إذا صح أنه استكرهها وغلبها على نفسها ، وذلك يعلم بصراخها [ ص: 126 ] واستغاثتها ، وصياحها ، وإن كانت بكرا فيما يظهر من دمها ، ونحوها مما يفصح به أمرها ، فإن لم يكن شيء من ذلك ، وظهر بها حمل ، وقالت : استكرهت ، فقد اختلف العلماء في ذلك ، ونذكره عند قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أو كان الحمل والاعتراف في كتاب الرجم - إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        32084 - ولا نعلم خلافا بين العلماء أن المستكرهة لا حد عليها إذا صح استكراهها بما ذكرنا وشبهه .

                                                                                                                        32085 - حدثني سعيد بن نصر ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني محمد بن وضاح ، قال : حدثني أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني معمر بن سليمان الزيني ، عن حجاج ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه ، قال : استكرهت امرأة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فدرأ عنها الحد .

                                                                                                                        32086 - وعن أبي بكر ، وعمر ، والخلفاء ، وفقهاء الحجاز ، والعراق مثل ذلك .

                                                                                                                        32087 - واختلف الفقهاء في وجوب الصداق على المغتصب ، فقال مالك ، والليث ، والشافعي : عليه الصداق والحد جميعا .

                                                                                                                        [ ص: 127 ] 32088 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وسفيان الثوري : عليه الحد ، ولا مهر عليه .

                                                                                                                        32089 - وهو قول ابن شبرمة ، لا يجتمع عندهم صداق وحد .

                                                                                                                        32090 - قال أبو عمر : هذا على مذاهبهم في السارق أنه إذا قطع لم يجب عليه غرم .

                                                                                                                        32091 - ومسألة السارق مختلف فيها أيضا .

                                                                                                                        32092 - والصحيح في المسألتين وجوب الصداق ، ووجوب الغرم ; لأن حد الله تعالى لا يسقط به حق الآدمي وهما حقان واجبان ، أوجبهما الله تعالى ، ورسوله ، فلا يضر اجتماعهما .

                                                                                                                        32093 - ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابن شهاب في بكر افتضت بصداق مثلها من النساء ، قال : قضى بذلك عبد الملك بن مروان .

                                                                                                                        32094 - قال : وأخبرنا ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : البكر تستكره ؟ قال : لها مثل صداق نسائها .

                                                                                                                        قال : وآية ذلك أن تصيح أو أن يوجد بها أثر .

                                                                                                                        32095 - قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، قال : من استكره امرأة بكرا ، فلها صداقها ، وعليه الحد ، ولا حد عليها .

                                                                                                                        32096 - قال معمر : وقال قتادة مثل ذلك .

                                                                                                                        32097 - قال : وآية البكر تستكره أن تصيح .

                                                                                                                        [ ص: 128 ] 32098 - قال : والثيب في ذلك مثل البكر .

                                                                                                                        32099 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثني هشيم ، عن أبي حرة ، عن الحسن ، قال : استكره عبد امرأة ، فوطئها ، فاختصما إلى الحسن ، وهو قاض يومئذ ، فضربه الحد ، وقضى بالعبد للمرأة .

                                                                                                                        23100 - قال أبو عمر : أسلمه سيده بجنايته ، والله أعلم .

                                                                                                                        32101 - وقد تقدم القول بما قاله أبو حنيفة ، وطائفة من علماء الكوفة .

                                                                                                                        32102 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثني شبابة بن سوار ، عن شعبة ، قال : سألت الحكم وحمادا عن مملوك انتزع جارية ؟ فقالا : عليه الحد ، وليس عليه صداق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية