الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما حكم المعاملة الصحيحة عند مجيزها فأنواع ( منها ) أن كل ما كان من عمل المعاملة مما يحتاج إليه الشجر والكرم والرطاب وأصول الباذنجان من السقي وإصلاح النهر والحفظ والتلقيح للنخل فعلى العامل ; لأنها من توابع المعقود عليه فيتناوله العقد ، وكلما كان من باب النفقة على الشجر والكرم والأرض من السرقين وتقليب الأرض - التي فيها الكرم والشجر والرطاب - ونصب العرائش ونحو ذلك فعليهما على قدر حقيهما ; لأن العقد لم يتناوله لا مقصودا ولا ضرورة .

                                                                                                                                وكذلك الجذاذ والقطاف ; لأن ذلك يكون بعد انتهاء العمل فلا يكون من حكم عقد المعاملة .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن يكون الخارج بينهما على الشرط لما مر ( ومنها ) أنه إذا لم يخرج الشجر شيئا فلا شيء لواحد منهما بخلاف المزارعة الفاسدة لما مر من الفرق في كتاب المزارعة .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن هذا العقد لازم من الجانبين حتى لا يملك أحدهما الامتناع والفسخ من غير رضا صاحبه إلا من عذر بخلاف المزارعة فإنها غير لازمة في جانب صاحب البذر ، وقد مر الفرق .

                                                                                                                                ( ومنها ) ولاية جبر العامل على العمل إلا من عذر على ما قدمناه .

                                                                                                                                ( ومنها ) جواز الزيادة على الشرط والحط عنه وانعدام الجواز ، والأصل فيه ما مر في كتاب المزارعة أن كل موضع احتمل إنشاء العقد احتمل الزيادة وإلا فلا ، والحط جائز في الموضعين أصله بالزيادة في الثمن والمثمن ، فإذا دفع نخلا بالنصف معاملة فخرج الثمر فإن لم يتناه عظمه جازت الزيادة منهما أيهما كان ; لأن الإنشاء للعقد في هذه الحالة جائز فكانت الزيادة جائزة .

                                                                                                                                ولو تناهى عظم البسر جازت الزيادة من العامل لرب الأرض شيئا ولا تجوز الزيادة من رب الأرض للعامل شيئا ; لأن هذه زيادة في الأجرة ; لأن العامل أجير والمحل لا يحتمل الزيادة ، ألا ترى أنه لا يحتمل الإنشاء ، والأول حط من الأجرة واحتمال الإنشاء ليس بشرط لصحة الحط .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن العامل لا يملك أن يدفع إلى غيره معاملة إلا إذا قال له رب الأرض اعمل فيه برأيك ; لأن الدفع إلى غيره إثبات الشركة في مال غيره بغير إذنه فلا يصح ، وإذا قال له اعمل فيه برأيك فقد أذن له فصح ولو لم يقل له اعمل برأيك فيه فدفع العامل إلى رجل آخر معاملة فعمل فيه فأخرج فهو لصاحب النخل ولا أجر للعامل الأول ; ولأن استحقاقه بالشرط - وهو شرط العمل - ولم يوجد منه العمل بنفسه ولا بغيره أيضا ; لأن عقده معه لم يصح فلم يكن عمله مضافا إليه وله على العامل الأول أجر مثل عمله يوم عمل ; لأنه عمل له بأمره فاستحق أجر المثل .

                                                                                                                                ولو هلك الثمر في يد العامل الأخير منا غير عمله وهو في رءوس النخل فلا ضمان على واحد منهما لانعدام الغصب من واحد منهما وهو تفويت يد المالك .

                                                                                                                                ولو هلك من عمله في أمر خالف فيه أمر العامل الأول فالضمان لصاحب النخل على العامل الآخر دون الأول ; لأن الخلاف قطع نسبة عمله إليه فبقي متلفا على المالك ماله فكان الضمان عليه .

                                                                                                                                ولو هلك في يده من عمله في أمر لم يخالف فيه أمر العامل الأول فلصاحب النخل أن يضمن أيهما شاء ; لأنه إذا لم يوجد منه بخلاف بقي عمله مضافا إليه كأنه عمل لنفسه فكان له أن يضمنه وله أن يضمن الثاني ; لأنه في معنى غاصب الغاصب ، فإن اختار تضمين الأول لم يرجع على الآخر بشيء ; لأنه عمل بأمر الأول فلو رجع عليه لرجع هو عليه أيضا فلا يفيد ، وإن اختار تضمين الآخر يرجع على الأول لأنه غره في هذا العقد فيرجع عليه بضمان الغرور وهو ضمان السلامة هذا إذا لم يقل له اعمل فيه برأيك فأما إذا قال وشرط النصف فدفعه إلى رجل آخر بثلث [ ص: 188 ] الخارج فهو جائز لما ذكرنا ، وما خرج من الثمر فنصفه لرب النخل والسدس للعامل الأول ; لأن شرط الثلث يرجع إلى نصيبه خاصة ; لأن العمل واجب عليه فبقي له السدس ضرورة وذكر محمد - رحمه الله - في الأصل أنه إذا لم يقل اعمل فيه برأيك وشرط له شيئا معلوما وشرط الأول للثاني مثل ذلك فهما فاسدان ولا ضمان على العامل الأول

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية