الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون )

يقول تعالى ذكره : إن ربك من بعدها لغفور رحيم ( يوم تأتي كل نفس ) تخاصم عن نفسها ، وتحتج عنها بما أسلفت في الدنيا من خير أو شر أو إيمان أو كفر ، ( وتوفى كل نفس ما عملت ) في الدنيا من طاعة ومعصية ( وهم لا يظلمون ) : يقول : وهم لا يفعل بهم إلا ما يستحقونه ويستوجبونه بما قدموه من خير أو شر ، فلا يجزى المحسن إلا بالإحسان ولا المسيء إلا بالذي أسلف [ ص: 309 ] من الإساءة ، لا يعاقب محسن ولا يبخس جزاء إحسانه ، ولا يثاب مسيء إلا ثواب عمله .

واختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله قيل تجادل ، فأنث الكل ، فقال بعض نحويي البصرة : قيل ذلك لأن معنى " كل نفس " : كل إنسان ، وأنث لأن النفس تذكر وتؤنث ، يقال : ما جاءني نفس واحد وواحدة . وكان بعض أهل العربية يرى هذا القول من قائله غلطا ويقول : "كل" إذا أضيفت إلى نكرة واحدة خرج الفعل على قدر النكرة ، كل امرأة قائمة ، وكل رجل قائم ، وكل امرأتين قائمتان ، وكل رجلين قائمان ، وكل نساء قائمات ، وكل رجال قائمون ، فيخرج على عدد النكرة وتأنيثها وتذكيرها ، ولا حاجة به إلى تأنيث النفس وتذكيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية