الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 337 ] فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا

تفريع على جملة فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا الآية .

ويجوز أن يكون تفريعا على جملة ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله على الوجه الثاني في تعريف المكر وفي المراد بـ " أهله " ، أي كما مكر الذين من قبلهم فحاق بهم مكرهم كذلك هؤلاء .

وينظرون هنا من النظر بمعنى الانتظار . كقول ذي الرمة .


وشعث ينظرون إلى بـلال كما نظر العطاش حيا الغمام

فقوله إلى مفرد مضاف ، وهو النعمة وجمه آلاء .

ومعنى الانتظار هنا : أنهم يستقبلون ما حل بالمكذبين قبلهم فشبه لزوم حلول العذاب بهم بالشيء المعلوم لهم المنتظر منهم على وجه الاستعارة .

والسنة : العادة : والأولون : هم السابقون من الأمم الذين كذبوا رسلهم ، بقرينة سياق الكلام . " وسنة " مفعول ينظرون وهو على حذف مضاف . تقديره : مثل أو قياس ، وهذا كقوله تعالى فهل ينظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم .

والفاء في قوله فلن تجد لسنة الله تبديلا فاء فصيحة لأن ما قبلها لما ذكر الناس بسنة الله في المكذبين أفصح عن اطراد سنن الله تعالى في خلقه .

والتقدير : إذا علموا ذلك فلن تجد لسنة الله تبديلا ، ولن لتأكيد النفي .

والخطاب في تجد لغير معين فيعم كل مخاطب ، وبذلك يتسنى أن يسير هذا الخبر مسير الأمثال . وفي هذا تسلية للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وتهديد للمشركين .

والتبديل : تغيير شيء وتقدم عند قوله تعالى ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب في سورة النساء .

[ ص: 338 ] والتحويل : نقل الشيء من مكان إلى غيره ، وكأنه مشتق من الحول وهو الجانب .

والمعنى : أنه لا تقع الكرامة في موقع العقاب ، ولا يترك عقاب الجاني . وفي هذا المعنى قول الحكماء : ما بالطبع لا يتخلف ولا يختلف .

التالي السابق


الخدمات العلمية