الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          والصراع والسبق بالأقدام ونحوهما طاعة إذا قصد به نصر الإسلام [ ص: 462 ] وأخذ السبق عليه أخذ بالحق ، فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما ينفع في الدين ، كما في مراهنة أبي بكر ، اختار ذلك شيخنا .

                                                                                                          وقال : إنه أحد الوجهين ، معتمدا على ما ذكره ابن البناء ، وظاهره جواز الرهان في العلم ، وفاقا للحنفية ، لقيام الدين بالجهاد والعلم ، ونقل حنبل السبق في الريش الحمام : ما سمعنا ، وكرهه .

                                                                                                          وفي الروضة : يختص جواز السبق ثلاثة أنواع : الحافر ، فيعم كل ذي حافر ، والخف فيعم كل ذي خف ، والنصل ، فيختص النشاب والنبل ولا يصح السبق والرمي في غير هذه الثلاثة مع الجعل وعدمه ، كذا قال ، ولتعميمه وجه ويتوجه عليه تعميم النصل ، وذكر ابن عبد البر تحريم الرهن في غير الثلاثة ( ع ) ويشترط كونه معلوما مباحا ، وهو تمليك بشرط سبقه ، فلهذا [ قال ] في الانتصار القياس لا يصح ، وإن شرط أنه أو بعضه لأصحابه أو غيرهم ، أو قال : إن سبقتني فلك كذا ولا أرمي أبدا ، أو شهرا ، [ ص: 463 ] بطل الشرط ، وقيل : والعقد ، فلغير مخرجه بسبقه أجر مثله ، وعند شيخنا : يصح شرطه للإسناد وشراء قوس وكراء الحانوت وإطعام الجماعة ، لأنه مما يعين على الرمي ، وتعيين المركوبين بالرؤية ، وتساويهما في ابتداء عدو ، وانتهائه ، واتحادهما نوعا ، وفيه تخريج من تساويهما في الغنيمة ، قال في الترغيب : وتساويهما في النجابة والبطء وتكافئهما وتعيين رماة يحسنونه ، وإن عقدوا قبل التعيين على أن يقتسموا بعد العقد بالتراضي جاز ، لا بقرعة ، وإن بان بعض الحزب كثير الإصابة أو عكسه ، فادعى ظن خلافه ، لم يقبل ، ويعتبر تساويهما في عدد رمي وإصابة وصفتها وأحوال الرمي .

                                                                                                          وفي الترغيب : في عدد الرماة وجهان ( م 2 ) وفي الموجز : والرمي متساويان ، لا يكون بعضهم صلبا ، والآخر رخوا ، ومسافة بقدر معتاد ، والمركوبين دون [ ص: 464 ] الراكبين وكذا القوسين ، ولا يعتبر تعيينهما بل جنسهما .

                                                                                                          وفي النوع وصحة شرط ما لا يتعين وجهان ( م 3 و 4 ) ويبدل منكسر مطلقا ، ولا يصح في الأصح تناضلهما على أن السبق لأبعدهما رميا زاد في الترغيب : [ ص: 465 ] من غير تقدير ، ويبدأ بالرمي من قرع ، وقدم القاضي : من له مزية ببذل السبق ، واختار في الترغيب يعتبر ذكر المبتدئ به ، فإن كان العوض من أحدهما أو غيرهما فسبق مخرجه أو جاءا معا أخذه فقط ، وهو كبقية ماله ، قاله في المنتخب وغيره ، وإن سبق من لم يخرج أخذه ، ويحرم العوض منهما إلا بمحلل لا يخرج شيئا ، يكافئهما مركوبا ورميا بينهما ، فإن سبقهما أحرزهما وإن سبقاه فلا شيء [ له ] وأحدهما يحرزهما ، ومع المحلل سبق الآخر فقط لهما ، نص أحمد على معنى ذلك [ بالعدل ] ويكفي محلل واحد ، قال الآمدي : لا يجوز أكثر ، لدفع الحاجة .

                                                                                                          وفي الرعاية : وقيل : بل أكثر ، واختار شيخنا لا محلل ، وأنه أولى بالعدل من كون السبق من أحدهما وأبلغ في تحصيل مقصود كل منهما ، وهو بيان عجز الآخر .

                                                                                                          [ ص: 463 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 463 ] مسألة 2 ) قوله : ويعتبر تساويهما في عدد رمي وإصابة وصفتها وأحوال الرمي ، وذكر في الترغيب في عدد الرماة وجهين ، انتهى . وكذا قال في البلغة ، وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير .

                                                                                                          ( أحدهما ) لا يشترط استواء عدد الرماة ، وهو الصحيح ، صححه في النظم ، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ، وهو ظاهر ما قدمه المصنف .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) يشترط ، وهما احتمالان في الرعاية الكبرى ، واحتمال وجهين في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير .

                                                                                                          [ ص: 464 ] مسألة 3 و 4 ) قوله : ولا يعتبر تعيينهما يعني القوسين بل جنسهما ، وفي النوع وصحة شرط ما لا يتعين وجهان ، انتهى ، ذكر مسألتين .

                                                                                                          ( المسألة الأولى 3 ) هل يشترط في القوسين أن يكونا من نوع واحد أو يصح أن يكونا من نوعين كقوس عربي وفارسي ؟ أطلق الخلاف في ذلك ، وأطلقه في المغني والشرح والفائق .

                                                                                                          ( أحدهما ) يشترط ، فلا يصح بين عربي وفارسي ، وهو الصحيح ، جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والمنور وغيرهم ، وقدمه في المقنع والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وشرحابن منجى وغيرهم . قال الزركشي : هذا المذهب ، قال الشيخ والشارح : هذا قول غير القاضي .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) لا يشترط ، اختاره القاضي ، وهو احتمال في المقنع .

                                                                                                          ( المسألة الثانية 4 ) لو اشترطوا شرطا لا يتعين بتعيينه ، فيحتمل أن مراده لو شرطا تعيين قوسين ونحوه هل يصح أم لا ؟ ويحتمل أن مراده لو شرطا شرطا لا يصح ، مثل أن يشترطا أن السابق يطعم السبق أصحابه أو غيرهم ، لكن هذه المسألة لا يصح الشرط فيها عند الأصحاب ، وهل يصح العقد أم لا ؟ أطلق جماعة الخلاف فيها ، والصواب أن مراده المسألة الأولى ، وهو ظاهر كلام المصنف ، لكن لم أرها ، وقد ذكر الشيخ في المغني وتبعه الشارح : لو عقد النضال جماعة ليتناضلوا حزبين جاز عند القاضي ، وذكر احتمالا بعدم الجواز .




                                                                                                          الخدمات العلمية