الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب القضاء في جامع الرهون

                                                                                                          قال يحيى سمعت مالكا يقول فيمن ارتهن متاعا فهلك المتاع عند المرتهن وأقر الذي عليه الحق بتسمية الحق واجتمعا على التسمية وتداعيا في الرهن فقال الراهن قيمته عشرون دينارا وقال المرتهن قيمته عشرة دنانير والحق الذي للرجل فيه عشرون دينارا قال مالك يقال للذي بيده الرهن صفه فإذا وصفه أحلف عليه ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن اردد إلى الراهن بقية حقه وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه

                                                                                                          قال يحيى وسمعت مالك يقول الأمر عندنا في الرجلين يختلفان في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه فيقول الراهن أرهنتكه بعشرة دنانير ويقول المرتهن ارتهنته منك بعشرين دينارا والرهن ظاهر بيد المرتهن قال يحلف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن فإن كان ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان عما حلف أن له فيه أخذه المرتهن بحقه وكان أولى بالتبدئة باليمين لقبضه الرهن وحيازته إياه إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه ويأخذ رهنه

                                                                                                          قال وإن كان الرهن أقل من العشرين التي سمى أحلف المرتهن على العشرين التي سمى ثم يقال للراهن إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك وإما أن تحلف على الذي قلت أنك رهنته به ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن فإن حلف الراهن بطل ذلك عنه وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن

                                                                                                          قال مالك فإن هلك الرهن وتناكرا الحق فقال الذي له الحق كانت لي فيه عشرون دينارا وقال الذي عليه الحق لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير وقال الذي له الحق قيمة الرهن عشرة دنانير وقال الذي عليه الحق قيمته عشرون دينارا قيل للذي له الحق صفه فإذا وصفه أحلف على صفته ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن أحلف على ما ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن أحلف على الذي زعم أنه له فيه ثم قاصه بما بلغ الرهن ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعى عليه بعد مبلغ ثمن الرهن وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعيا على الراهن فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن مما ادعى فوق قيمة الرهن وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الرهن

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          14 - باب القضاء في جامع الرهون

                                                                                                          - ( مالك : فيمن ارتهن متاعا فهلك المتاع عند المرتهن ، وأقر الذي عليه الحق بتسمية الحق واجتمعا ) توافق الراهن والمرتهن ( على التسمية وتداعيا ) تحالفا ( في الرهن ، فقال الراهن : قيمته عشرون دينارا ، وقال المرتهن : قيمته عشرة دنانير ، والحق الذي للرجل ) المرتهن [ ص: 33 ] ( فيه عشرون دينارا ، قال مالك : يقال للذي بيده الرهن : صفه ، فإذا وصفه أحلف عليه ) لأن الراهن خالفه في الوصف وادعى أفضل منه ( ثم أقام ) قوم ( تلك الصفة أهل المعرفة بها ، فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن : اردد إلى الراهن بقية حقه ، وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن ، وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه ) لأن الرهن شاهد على نفسه ( والأمر عندنا في الرجلين يختلفان في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه ، فيقول الراهن : رهنتكه بعشرة دنانير ، ويقول المرتهن : ارتهنته منك بعشرين دينارا ، والرهن ظاهر بيد المرتهن ) أو بيد أمين لأنه حائز للمرتهن ( قال : يحلف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن ، فإن كان ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان عما حلف أن له فيه ، أخذه المرتهن بحقه وكان أولى بالتبدية باليمين ) على الراهن ( لقبضه الرهن وحيازته إياه ) ولأنه شاهد له ( إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه ويأخذ رهنه ) فله ذلك . ( وإن كان الرهن أقل من العشرين التي سمى ، أحلف المرتهن على العشرين التي سمى ثم يقال للراهن : إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك ، وإما أن تحلف على الذي قلت أنك رهنته به [ ص: 34 ] ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن ، فإذا حلف الراهن بطل ذلك عنه ، وإن لم يحلف لزمه غرم ) أي دفع ( ما حلف عليه المرتهن ، فإن هلك الرهن وتناكر الحق فقال الذي له الحق : ) أي المرتهن ( كانت لي فيه عشرون دينارا ، وقال ) الراهن ( الذي عليه الحق : لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير ، وقال الذي له الحق : ) أي المرتهن ( قيمة الرهن عشرة دنانير ، وقال الذي عليه الحق ) أي ( الراهن : قيمته عشرون دينارا ) فتناكرا في أصل الحق وفي قيمة الرهن ( قيل للذي له الحق : ) وهو المرتهن ( صفه ) لأنه الغارم ( فإذا وصفه أحلف ) أنه ( على صفته ) التي وصفها ( ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها ، فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن ) وهو العشرون دينارا ( أحلف على ما ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن ، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن ، أحلف على الذي زعم أنه له فيه ) وهو العشرون ( ثم قاصه بما بلغ الرهن ) من القيمة ( ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعى عليه بعد مبلغ ثمن الرهن ، وذلك ) أي وجه حلف الراهن ( أن الذي بيده الرهن ) وهو المرتهن ( صار مدعيا على الراهن ) بما بقي له والمدعى عليه يحلف ( فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن مما ادعى فوق قيمة الرهن ، وإن نكل الراهن لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الرهن ) قال الباجي : ذكر الموطأ يمينين على المرتهن : إحداهما [ ص: 35 ] على صفة الرهن ، والثانية على إثبات دينه ، فيحتمل أنهما يلزمانه منفصلين ; لأن الأولى تجب قبل وجوب الثانية ; لأن قيمة الرهن إن كانت أقل مما أقر به الراهن فلا معنى ليمين المرتهن ، ويحتمل أن يريد ذكر ما تناوله اليمين من المعنيين المذكورين ولا يلزمه أن يفرقهما بل يجمعهما في يمين واحدة ، وهذا معنى قول مالك وأكثر أصحابه عندي ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية