الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل لهم دافعا عن نفسك تهمة الانتفاع بإيمانهم ما أسألكم عليه أي: على تبليغ الرسالة الذي ينبئ عنه الإرسال، أو على المذكور من التبشير والإنذار، وقيل: على القرآن من أجر أي: أجر ما من جهتكم إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه أي: إلى رحمته ورضوانه سبيلا أي طريقا، والاستثناء عند الجمهور منقطع، أي: لكن ما شاء أن يتخذ إلى ربه سبحانه سبيلا - أي بالإنفاق القائم مقام الأجر كالصدقة والنفقة في سبيل الله تعالى ليناسب الاستدراك - فليفعل، وذهب البعض إلى أنه متصل، وفي الكلام مضاف مقدر، أي: إلا فعل من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بالإيمان والطاعة حسبما أدعو إليهما، وهو مبني على الادعاء، وتصوير ذلك بصورة الأجر من حيث إنه مقصود الإتيان به، وهذا كالاستثناء في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      ولا عيب فيهم غير أن نزيلهم يعاب بنسيان الأحبة والوطن



                                                                                                                                                                                                                                      وفي ذلك قلع كلي لشائبة الطمع، وإظهار لغاية الشفقة عليهم، حيث جعل ذلك - مع كون نفعه عائدا إليهم - عائدا إليه صلى الله عليه وسلم، وقيل: المعنى: ما أسألكم عليه أجرا إلا أجر من آمن، أي: إلا الأجر الحاصل لي من إيمانه، فإن الدال على الخير كفاعله، وحينئذ لا يحتاج إلى الادعاء والتصوير السابق، والأولى ما فيه قلع شائبة الطمع بالكلية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية