الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين حكيت هذه المحاورة على سنن حكاية المحاورات بحكاية أقوال المتحاورين دون عطف .

و ( ربنا يعلم ) قسم لأنه استشهاد بالله على صدق مقالتهم ، وهو يمين قديمة انتقلها العرب في الجاهلية فقال الحارث بن عباد :


لم أكن من جناتها علم الـلـ ـه وإني لحرها اليوم صالي

ويظهر أنه كان مغلظا عندهم لقلة وروده في كلامهم ولا يكاد يقع إلا في مقام مهم . وهو عند علماء المسلمين يمين كسائر الأيمان فيها كفارة عند الحنث .

وقال بعض علماء الحنفية : أن لهم قولا بأن الحالف به كاذبا تلزمه الردة لأنه نسب إلى علم الله ما هو مخالف للواقع ، فآل إلى جعل علم الله جهلا . وهذا يرمي إلى التغليظ والتحذير ، وإلا فكيف يكفر أحد بلوازم بعيدة .

[ ص: 362 ] واضطرهم إلى شدة التوكيد بالقسم ما رأوا من تصميم كثير من أهل القرية على تكذيبهم . ويسمى هذا المقدار من التأكيد ضربا إنكاريا .

وأما قولهم وما علينا إلا البلاغ المبين فذلك وعظ وعظوا به القوم ليعلموا أنهم لا منفعة تنجر لهم من إيمان القوم ، وإعلان لهم بالتبرؤ من عهدة بقاء القوم على الشرك ، وذلك من شأنه أن يثير النظر الفكري في نفوس القوم .

والبلاغ : اسم مصدر من أبلغ إذا أوصل خبرا ، قال تعالى إن عليك إلا البلاغ وقال هذا بلاغ للناس ، ولا يستعمل البلاغ في إيصال الذوات .

والفقهاء يقولون في كراء السفن والرواحل : إن منه ما هو على البلاغ . يريدون على الوصول إلى مكان معين بين المكري والمكتري .

والمبين : وصف للبلاغ ، أي البلاغ الواضح دلالة ، وهو الذي لا إيهام فيه ولا مواربة .

التالي السابق


الخدمات العلمية